أين سيوارى أموات المستقبل¿

د\ عبد الله علي الفضلي

 - لم تعد المشكلة القائمة في أمانة العاصمة حول أزمة الإسكان وندرة المساكن وما تمثله من أهمية في حياة الناس في الدنيا وإنما انتقلت الأزمة إلى المقابر المثوى
د\ عبد الله علي الفضلي –
لم تعد المشكلة القائمة في أمانة العاصمة حول أزمة الإسكان وندرة المساكن وما تمثله من أهمية في حياة الناس في الدنيا وإنما انتقلت الأزمة إلى المقابر المثوى الأخير للوفيات وأين سيجد كل متوف قبرا ليوارى فيه حيث إن الأرواح البشرية اليمنية تحصد وتغتال كل يوم وبمعدلات مخيفة حيث تستقبل مقابر أمانة العاصمة -على قلتها- كل يوم عشرات الشهداء من رجال الأمن والقوات المسلحة ومن حوادث السيارات والوفيات العادية ولم تعد المقابر الحالية بأمانة العاصمة تستوعب المزيد من الوفيات.
لقد ضاقت المقابر بسكانها على الرغم من اتساعها إلا أن كثرة شهداء الحروب العبثية وشهداء الأعمال الإرهابية قد فاقت أعدادهم كل تصور أما من يتوفى بأمر الله على الرغم من كثرتهم على مستوى أمانة العاصمة فهم أعداد قليلة إذا ما قارنهم بشهداء القوات المسلحة والأمن فإلى متى ستظل المقابر الحالية التي اكتظت عن آخرها بالشهداء والأموات العاديين تستقبل المزيد من هؤلاء فهناك الكثير من تجار الأراضي وعشاقها ممن يشترون أراضي واسعة ومن ثم يقومون بتسويرها بنية الاستثمار الدنيوي أما الاستثمار عند الله فهو غير وارد. وقد شاهدنا أراضي كثيرة في أنحاء متفرقة من العاصمة وهي قافرة ومهجورة وبعضها أرض فضاء مكشوفة وبعضها الآخر مسورة وحينما نسأل القريبين من هذه الأراضي لمن كل هذه الأراضي الضخمة وبهذه المساحة الواسعة يقال أنها ملك فلان أو ملك التاجر فلان أو ملك المسئول فلان أو ملك الشيخ فلان وحينما نسأل أحدهم طالما أن هذه الأرضية مهجورة منذ سنوات طويلة دون استثمارها فما هو مصيرها يكون الرد لا نعلم مانية صاحب هذه الأرضية. ويعلق أحدهم قائلا أنه قد قام بحجزها لأحفاده في المستقبل ويعلم الله ماذا سيبني عليها من مشروع.
وبما أن وزارة الأوقاف هي الجهة المعنية بهذا الشأن بالإضافة إلى أمانة العاصمة والمجلس المحلي فلماذا لا تقوم تلك الجهات بالبحث عن مقابر جديدة وبصفة خاصة تلك الأراضي الواسعة المنتشرة في أمانة العاصمة وهي غير مستثمرة ومهجورة وتقوم بشرائها على نفقة الدولة لتيسر على الموطنين الحصول على قبر مناسب وبصفة خاصة المواطنين الفقراء وفي هذه الحالة يمكن القول أن الميت أولى من الحي في هذه الأراضي المهجورة فإكرام الميت دفنه.
وإذا لم تقم الجهة المختصة بشراء الأراضي المهجورة غير المستثمرة وتحويلها إلى مقابر لمواجهة التزايد المستمر في أعداد الوفيات وخاصة مع كثرة حوادث المرور والأعمال الإرهابية ضد الجيش والأمن والموطنين وكذلك قتلى الحروب العبثية بين القبائل إضافة إلى وفيات المستشفيات والمنازل فإننا سوف نواجه في المستقبل بل في السنوات الخمس القادمة أزمة مقابر وبالتالي أين سيتم دفن الوفيات. وكان الأولون من الأجداد والآباء إذا لم يجدوا مقبرة لأية وفيات في قراهم فإنهم يلجأون إلى ما يسمى بالمقابر الجماعية (المجان) أي أنهم يعمرون كهفا أسفل أي جربة زراعية ويقومون بسقفه من الداخل ويضعون فيه أمواتهم ومن ثم يقومون بغلق باب الكهف (المجنة) بالأحجار والطين وهي عبارة عن مقابر جماعية تستوعب عشرات الموتى وكلما توفي رجل أو امرأة يقومون بفتح باب الكهف المعمور بالأحجار ويضعون المتوفى إلى جانب من سبقوه ثم يقومون بغلق باب الكهف مرة أخرى ولا يخسرون شيئا من المال, فهل سيكون اللجوء في المستقبل إلى حفر الكهوف كقبور جماعية لدفن الموتى إذا تعذر إيجاد مقابر بديلة.
وإذا كانت الدولة قد عجزت عن إيجاد مساكن للأحياء فقد عجزت أيضا عن إيجاد مقابر للأموات.

قد يعجبك ايضا