بتهوجن

أحمد غراب

اذا كان العالم قد انجب ” بيتهوفن ” في الموسيقى فقد أنجبت اليمن ” بتهوجن ” الملقب بحسن نعنعي ولاعجب فالمجتمع اليمني يعتقد سلفا أن كل مجنون كان عبقريا لكنه ضل طريقه وبدلا من أن يصل الى دار الاوبرا وصل الى الصراية الصفراء المتنقلة في كل شارع وجولة.
في إحدى جولات العاصمة يقف “نعنعي” وهو بالمناسبة فنان مغمور ظلمته الظروف وضل طريقه إلى “روتانا” وحال الحراف دون انضمامه إلى فريق “ذا فويس” فقرر اختصار الطريق والنزول إلى الجمهور في الجولات.
للوهلة الأولى تظنه مجنونا هاربا من المصحة هيئته رثة وملابسه ممزقة ورأسه أشعث أشبه وشنبه انيق كفرشاة اسنان.
مالك من المنظر أهم شيء الصوت زنجبيل بغباره صوته ولاصورته لحن طازج من المصنع الى المستهلك ومسرح طبيعي وسط الطريق ومهارة عالية في تحويل المغاريف الى كمانات والاربال الى ربابات وصدى التنك الى بيانو ولا اجمل.
ولكم ان تتخيلوا فيديو كليب لـ نعنعي وهو يغني :
مسجد لك الله من صلاة الاعزاب عين للطاقة وعين للباب.
اذا كان هناك شيء اسمه السلم الموسيقى فـ ” بتهوجن” نعنعي لديه درج موسيقية ومدرهة موسيقية حتى المطبات التي يتقافز عليها في الشارع يستطيع ان يحولها الى جمل موسيقية وتترات.
تارة تسمع منه كلاسيكي : نزلت للدردوش والغيل مربوش ما أحلى الخضاب فوق الجبين منقوش.
وتارة أخرى تسمع ميتافيزيقي: ” ولعتني مثل الكهرباء وطفيت”
” ويا غارتاه ” و” شلوني الجن “.
كل وتر –أقصد: كل ربل– في عود “نعنعي” يثبت أن الإبداع ليس خلطة فول وطعمية كما توحي وزارة الثقافة في بلادنا فهناك خلطة إبداعية تخرج من رحم المعاناة لتثبت لك بالدليل القاطع أن الظروف مهما كانت معفنة لا يمكن أن تقضي على الموهبة بدليل “نعنعي” الذي دمج الغناء والجنون وأثبت بالدليل القاطع وغير القاطع أن الجنون فنون.
فجأة وبلا سابق إنذار اختفى “نعنعي” من الجولة!
أين ذهب معشوق الجماهير ” بتهوجن ” ¿
ربما ذهب ضحية فلتان أمني أثناء عراك بين مسلحين .
ربما اعتقلته هيئة مكافحة المتسولين ظنا منها أنه متسول.
الأرجح أنه توفي وما أحد صلى عليه وتم دفنه في مقبرة المواهب.
ألم أخبركم مرات ومرات يا أصدقائي أن اليمن كانت في الماضي مقبرة الغزاة وأصبحت في الحاضر مقبرة المواهب ¿!!
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم أرحم أبي وأسكنه فسيح جناتك وجميع أموات المسلمين.