معركة المرأة اليمنية
عبدالحليم سيف
اندلعت الشرارة الأولى لنضال المرأة التحرري في الثامن من مارس 1857م يومئذ خرجت عاملات صناعة الملابس إلى شوارع نيويورك ثائرات على الظلم الواقع عليهن من قبل أرباب المصانع فرفعن الصوت عاليا مطالبات بخفض ساعات العمل من 16 ساعة إلى 10 ساعات وذهبت ضحية تلك المظاهرات الغاضبة 129 عاملة.
وبعد مرور نصف قرن من موقعة نيويورك اتخذت نساء أوروبا الثامن من مارس يوما للمطالبة بالمساواة في الأجر وفي 1910م احتفلت عاملات ألمانيا بذلك اليوم تخليدا لنضال حواء وتضحياتها ليصبح فيما بعد يوما عالميا جعلته الأسرة الدولية “عيدا سنويا ” للتذكير بعرق المرأة ودورها المؤثر والمتعاظم في حياة المجتمعات والأسر.
استرجعت هذه الواقعة ونحن نعيش أجواء الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة في ابرز مظاهرها المتمثلة في المهرجانات الخطابية والندوات الكلامية والبيانات الناعمة والتصريحات المعسولة وهي تتحدث عن عظمة المرأة ومكانتها المتقدمة في نهضة الشعوب وما قدمته من تضحيات وأعمال بطولية في الثورات الشعبية .
وفي مناسبة كهذه تنهمر الدعوات من الجهات الأربع لتعيد التأكيد على ضرورة الارتقاء بالمرأة والعناية بها وتمكينها من حقوقها الإنسانية في التعليم والصحة والغذاء والمسكن والحرية والكرامة والعدالة والمساواة بوصفها شريكة الرجل ونصفه الآخر في شتى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقبل ذلك وجودها البالغ الأهمية في بناء الأسرة واستمرار الحياة المجتمعية وتواصل الأجيال البشرية على هذه الدنيا إلى ما شاء الله.
بيد أن هذا الاهتمام المبالغ فيه تطوى صفحاته في اليوم التالي للثامن من مارس لتتضاعف أوجاع المرأة وهمومها المتورمة لتغرق في بحر الظلمات باحثة عن الوعي بحقوقها وكيفية تخليص نفسها من ربقة العبودية والجهل والتخلف وفي هذا الشأن نجد المرأة في اليمن ليست اسعد حالا من شقيقاتها العربيات فهي تعاني من التجهيل والأمية والفقر والبطالة والتهميش وتدفع ثمن الحروب العبثية والتمييز العنصري ضدها بحسب النوع وغياب وتفضيل الأبناء الذكور على الإناث مرورا بتحمل أعباء تربية الأولاد إلى سوء معاملة الزوج لها وعدم مشاركته في تحمل مسؤولية تربية الأبناء وصولا إلى ممارسة العنف داخل الأسرة والتحرش الجنسي من قبل المجتمع والنظرة الدونية للمرأة العاملة.
ولعل هذه الأوجاع مجتمعة جعلت حواء اليمن ترفع صوتها بقوة الحق وبلغة المنطق والعقل في أروقة الحوار الوطني الشامل فرأيناها تقف بشجاعة إلى جانب الرجل ترفض واقعها السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي ..تغني للحرية والكرامة والحياة والوحدة والسلام ..تهتف بسقوط الطغيان والاستبداد وتجار الحروب والنهب والفساد وتنشد الاعتراف بالآخر والتعايش المشترك تحت ظلال من تكافؤ الفرص وقيم المحبة والتسامح والإخاء في يمن جديد ودولة مدنية حديثة.
ولهذا انتزعت حواء اليمن اعترافا بكامل حقوقها ويتجسد ذلك في مخرجات الحوار الوطني وعلى وجه الخصوص المادة التي تنص على إعطاء النساء نسبة 30 % في كل مفاصل الدولة ولأجل ذلك تخوض المرأة اليمنية معركة جديدة لتثبيت هذه المادة في الدستور القادم لدولة اليمن الاتحادية .
وإجمالا ينبغي على كافة الفعاليات الاجتماعية والسياسية أن تضع حقوق المرأة في صدارة أولوياتها فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة التي بدونها يبقى المجتمع مشلولا عن الحركة.. فالتحية لحـــــــــــــــــــواء في يوم عيــــــــــــــــــــــدها .
Ahalim_227@yahoo.com