ثلاث ركائز أساسية للبحث العلمي لم يتطرق لها مؤتمر الحوار
د\عبد الله الفضلي
كنا نتطلع بشوق وبلهفة إلى موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي تم تأليفه وتشكيله من مجموعات غير مترابطة أو منسجمة في ما بينها بل تم تشكيله من خلال صلة القرابة والمعاريف والوجاهات والمحاصصة والتقاسم وكنا نظن أن أعضاء المؤتمر سيتم اختيارهم على أسس وطنية وأخلاقية ومعايير سياسية محددة ومعدة مسبقا بما يتماشى مع الحدث الجاري في اليمن وكان من المفترض إشراك أكبر قدر ممكن من ذوي الخبرة والكفاءة والرؤية والرسالة ومن ذوي الاختصاصات في شتى المجالات وبصفة خاصة من أساتذة الجامعات الذين أمضوا سنين طويلة من العمل الأكاديمي والتربوي والتعليمي والبحث العلمي حتى يثروا المؤتمر بالموضوعات المهمة الجديرة بالمناقشة المستفيضة والتي لم يتم التطرق إليها أو معالجتها من قبل ووضع الحلول الناجحة المناسبة لها والتي ظلت طوال العقود الماضية دون حل .
وبالتالي لم يتم وضعها أو إدراجها ضمن برنامج الحوار الوطني ومن هذه القضايا أو الركائز الأساسية التي لم تحظ أو تنال الاهتمام من أعضاء المؤتمر الوطني الشامل والذي ظل يناقش قضايا بعضها هامشية وتدور حولها نقاشات سفسطائية طويلة وعقيمة وهي أصلا موجودة في الدستور والقوانين النافذة ولكنها فقط لم تطبق أو تفعل على أرض الواقع . ومن هذه القضايا التي لم تناقش هي الجامعات اليمنية الحكومية وما تعانيه من تراجع في العملية التعليمية وتتقهقر إلى الوراء وتدهور وضعف في المخرجات التي لا تلبي سوق العمل وما تشهده الجامعات من إقبال مكثف وتزايد مخيف في أعداد الطلبة الملتحقين بالكليات الجامعية الحكومية دون ضوابط أو تقنين أو تحديد الأولوية أو وضع معايير للقبول في كل جامعة وبما يتوافر لها من قاعات وأساتذة ومعامل وورش ومكتبات جامعية كافية ومرافق أخرى لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية وبما يؤدي إلى رفع مستويات الدارسين في شتى نواحي الحياة وبما ينمي مواهبهم ويرفع من مهاراتهم وقدراتهم وتزجية أوقات فراغهم واستثمارها في ممارسة الأنشطة التي تقرها كل جامعة .
وفيما يتعلق بأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية وما يواجهونه من عقبات ومشكلات أكاديمية وأسرية واجتماعية وصحية ونفسية ومعيشية بالإضافة إلى عدم قدرتهم على السفر إلى الخارج لحضور الندوات والمؤتمرات العلمية نظرا لشحة الميزانية وانكماشها إلى أدنى مستوى فإن مثل هذه القضايا لم تعالج ولم يتطرق إليها أحد في المؤتمر .
فأساتذة جامعة صنعاء على سبيل المثال يعانون من مشكلة السكن الجامعي منذ 44 عاما والتي أصبحت مشكلة مستعصية الحل , هذا السكن الذي يضمن حياة آمنة ومستقرة لكل أستاذ فهناك حوالي 85% من هؤلاء الأساتذة ليس لهم سكن جامعي أو مدينة سكنية أسوة بنظرائهم في الدول العربية فهم يعيشون في عمارات مستأجرة أو بيوت أو شقق مستأجرة أيضا .
وهناك مشكلة التأمين الصحي حيث يقوم كل عضو هيئة التدريس بمعالجة نفسه وكل أفراد أسرته على نفقته الخاصة بالإضافة إلى شراء الأدوية وإجراء العمليات والفحوصات الطبية دون عون أو تأمين صحي يضمن لهم حياة صحية آمنة , هذا إضافة إلى تدني مرتباتهم وعدم كفايتها للمتطلبات المعيشية .
أما الركيزة الثالثة المنسية التي تواجه الجامعات الحكومية والتي لم تناقش في مؤتمر الحوار الوطني فهي مشكلة البحث العلمي بالجامعات الذي يعد أحد أهم وظائف الجامعة .
فالبحث العلمي بالجامعات شبه منعدم ومعظم من يمارسون البحث العلمي بالجامعات فهم يمارسونه منفردين بغرض الحصول على الترقيات الأكاديمية دون أن تساهم الجامعة في إنجاز هذه البحوث أو تشرف عليها ولا تخدم تلك البحوث العلمية إلا أصحابها .
كل هذه الركائز قد غابت عن مؤتمر الحوار الوطني كما غابت عن مخرجاته وقد ظل المؤتمر في حالة انعقاد لمدة عشرة أشهر كاملة كانت كفيلة بحل مشكلة الشرق الأوسط بأكمله .
وعلى الرغم من تواجد بعض أساتذة الجامعات في مؤتمر الحوار الوطني إلا أنهم كانوا قلة قليلة وفي نفس الوقت كانوا مؤطرين ومرتبطين بأحزابهم وبمنظماتهم المتعددة .
وبناء على ما سبق متى نأمل حل مشكلات الجامعات اليمنية التي تتراكم متاعبها عاما بعد آخر خاصة في عهد وزير المالية الذي تحول إلى خصم للجامعات اليمنية ومتطلباتها وأعبائها المالية المتدهورة حيث أوقف وقلص وخفض ميزانية الجامعات إلى أدنى مستوى لها حتى على مستوى المخصصات المالية التشغيلية وشراء الكتب والمجلات العلمية والإصلاحات والترميمات والصيانة وغيرها من الاحتياجات الجامعية الآنية والعاجلة.