عبده ربل

أحمد غراب

 - الفقر يدفع الناس إلى ارتكاب بلاوي لا تخطر على بال أستطيع أن أبرهن على ذلك من خلال نموذج واقعي تأملت مفرداته في الشارع اليمني وكما قيل الحاجة ام الاختراع ولأن الفقر ذل الحاجة فهو يولد أسوأ الاختراعات.

الفقر يدفع الناس إلى ارتكاب بلاوي لا تخطر على بال أستطيع أن أبرهن على ذلك من خلال نموذج واقعي تأملت مفرداته في الشارع اليمني وكما قيل الحاجة ام الاختراع ولأن الفقر ذل الحاجة فهو يولد أسوأ الاختراعات.
في إحدى حارات صنعاء يسكن حسن نعنعي وهو رجل يعمل في جمع النفايات والخردة من سلات القمامة ويسكن في غرفة نصفها حمام مع ستة أطفال مشاغبين كفيلين بغزو قرية من العمالقة من مشاغبتهم إذ ليس لهم ملعب ولا مدرسة ولا موطن سوى الشارع !
أحدهم يبلغ من العمر ثماني سنوات يلقبه عيال الحارة “عبده ربل ” وهو طفل بحجم قطمة الأرز الصغيرة لا يمشي كالآدميين بل يتبرعم كإطار السيارة الذي يدحرجه كل نهار في أرصفة الحارة. ولأنه قصير فإنك ترى “التاير” في الشارع وكأنه يدحرج نفسه دون أن تلاحظ “القملي” الذي يدفعه بخفة.
تصوروا أن “عبده ربل ” كان سببا في حصول والده على مبلغ أربعمائة ألف ريال قولوا لي كيف¿
صدمته سيارة لاكسز (آخر موديل) كيف¿
قفز عبده ربل إلى تحت السيارة متعمدا ورغم أنها اصطدمت به بقوة إلا أنه لم يتأثر ما جعل أهالي الحارة يشكون في أن هذا الطفل جاء دعاية وسط “الدرزن” الذي خلفه حسن نعنعي كلهم من لحم ودم وهو مصنوع من المطاط.
ومن سوء حظ السائق أنه وقع ضحية لحسن نعنعي الذي لم يكتف بحبسه وتغريمه مبلغ أربعمائة ألف ريال بل اشترط على السائق أن يشتري كل يوم ديكا لكي يطعم “عبده ربل ” ويستعيد صحته مع أن الأخير بصحة وعافية يحسد عليها ويتنطط كالقرد على سرير المستشفى باعتباره لأول مرة يشاهد سريرا في حياته.
كثيرا ما أصادف “عبده ربل ” وهو يتدحرج كالدبة الغاز وسط خط السيارات بحثا عن سيارة يتعلق فيها وكأنه يبحث عن صدمة أخرى يوفöي بها والده المليون ويبدو أنه لم يفلح في الحصول على صدمة فقرر أن يترك العمل بالجملة (صدمات) ويشتغل بالتجزئة (تعويرات) حيث لا يمر يوم دون أن نسمع فيه صيحاته في الحارة. أيش فيه¿ قالوا ولد فلان رجم “عبده ربل “.
ويبدأ المسلسل الذي يتكرر كل أسبوع يسعفه يبزوهم القسم الذي يحل “عبده ربل ” إلى المستشفى ثم تبدأ حكاية “الأرش” بمبالغ تتفاوت بين الأربعين ألف ريال وبين العشرة آلاف ريال.
أناشد حكومتنا الرقيدة السعى الجاد إلى ايقاف قطار الفقر والبطالة المتنامي ومحاولة إلجام صخرة الفقر حتى لا يستخدم ” نعنعي” أولاده مطبات في الشوارع والحارات ويشتغل بهم “صدمات” و”تعويرات” بالجملة والتجزئة.
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم ارحم ابي واسكنه فسيح جناتك وجميع اموات المسلمين

قد يعجبك ايضا