الأزمة الأوكرانية على نار .. القرم

عبدالحليم سيف


 - كل الشواهد تؤكد أن الأيام القادمة من عمر الأزمة الأوكرانية  حبلى  بالمصاعب والتحديات  تنمو في رحمها تداعيات مصيرية على درجة كبيرة من الخطورة  تثير عاصفة من علامات الاستفهام  بحجم الأحداث الداهمة وعلى رأسها حالات صراعات
كل الشواهد تؤكد أن الأيام القادمة من عمر الأزمة الأوكرانية حبلى بالمصاعب والتحديات تنمو في رحمها تداعيات مصيرية على درجة كبيرة من الخطورة تثير عاصفة من علامات الاستفهام بحجم الأحداث الداهمة وعلى رأسها حالات صراعات داخلية مستمرة حول مستقبل النظام الجديد في كييف بعد الإطاحة بحكم الرئيس يانكوفيتش وسط اتساع دائرة انقسام الشعب الأوكراني إلى شطرين احدهما في شرق البلاد يتجه نحو روسيا وآخر في غربها يتطلع إلى أوروبا. وزاد من حدة هذا الانقسام المجتمعي بين القوميات المختلفة بدء البرلمان الأوكراني مناقشة مشروع قانون يقضي بانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي لحماية أمنها القومي وخطوة تقربها من الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي وكأن هناك من يدفع النظام الجديد في كييف بعيدا عن الحل السياسي مع موسكو !!.
حرارة الأزمة الناتجة عن تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما تتناقلها تقارير الأنباء على مدار الساعة وضعت شبه جزيرة القرم الأوكرانية ذات الحكم الذاتي – حيث يتمركز الأسطول الروسي – على نار خافتة وكأنها تعيش لحظات ما قبل حدوث تطور دراماتيكي ما قد تشتعل وفق مقتضيات التصعيد الراهن بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا من جهة أخرى حول المواقف المتشابكة بشأن الأزمة الأوكرانية منذ اشتعالها في نوفمبر المنصرم فالرئيس فلاديمير بوتين يعتبر ما حدث في كييف انقلابا مسلحا على سلطة شرعية ورئيس منتخب تم بدعم غربي هدفه إلحاق أوكرانيا بالفلك الأوروبي- الأميركي فضلا عن ظهور تيار يميني متطرف في كييف وصفته تقارير روسية بأنه يشحن العداء تجاه مواطني المقاطعات الشرقية من ذوي الأصول الروسية بوتين قال للصحافيين الثلاثاء الماضي أن “روسيا تحتفظ بحقها في استخدام كل الوسائل لحماية المواطنين الروس في أوكرانيا ” وفي هذا الاتجاه سارعت واشنطن إلى إطلاق تهديدات نارية لموسكو عبر تصريحات وزير خارجيتها كيري ترافق ذلك مع إعلان واشنطن تعليق تعاونها العسكري مع روسيا وفرض عقوبات اقتصادية عليها في حين توعد الرئيس الأميركي بارك أوباما بعزلة سياسة وشاملة على الكرملين وبدوره انظم الاتحاد الأوروبي إلى واشنطن وان بلغة هادئة فلوح بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا إذا لم تتراجع اليوم عن موقفها حيال أوكرانيا فردت الأولى باستهداف أموال أوروبية إن أقدم الاتحاد في بروكسل على تنفيذ تهديداته !!.
وفي سياق تداعيات الأحداث في شبه جزيرة القرم وإصرار موسكو على ما تعتبره حقوقها وحماية مصالحها في هذه المنطقة لا ينسى احد هواجس الكرملين التي ظهرت عام 1997م عقب إخلاء آسيا الوسطى وأوكرانيا من الأسلحة النووية حين أعربت عن مخاوفها من قيام واشنطن وحلف الناتو بالعمل على إزاحتها من منطقة قريبة من حدودها وتعد أولوية أولى في استراتيجية روسيا العالمية بعد الحقبة السوفيتية وتنظر- أي موسكو- أن الخطر على الأمن الروسي يأتي من هذه المنطقة.
ولهذا فإن المتابع للتحذيرات الكلامية المتبادلة بين موسكو وواشنطن اليوم يلمس بأن الغرب وعلى رأسه أميركا يمهد منذ زمن لأن يجعل من أوكرانيا موقع إزعاج ومصدر تهديد لروسيا فقبل الثورة البرتقالية وبعدها عام 2004م عادت حرارة الحديث إلى الدوائر الغربية عن خطوات عملية لانضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي وإقامة شراكة اقتصادية وسياسية وإفساح المجال لإقامة منصات صواريخ على أراضيها وهذا ما لم تسمح به موسكو التي جددت بالأمس تمسكها بوحدة الأراضي الاوكرانية وستعمل بكل ما بوسعها لحماية مواطنيها في القرم بحسب تصريح وزير خارجية روسيا لافرف أثناء لقائه مع نظيره الاسباني مساء أمس.
وتبقى أزمة أوكرانيا مفتوحة على كل الخيارات باستثناء الحرب التي لن تكون في مصلحة احد فجميع الأطراف خاسرة وتكلفتها كبيرة وضحاياها شعوب بينها روابط تاريخية وسياسية واجتماعية وثقافية مشتركة !! .

قد يعجبك ايضا