أطفأها الله.. فلا تشعلوها من جديد

فتحي الشرماني


 - اليمنيون يتهيأون اليوم لخوض غمار ما تبقى من متطلبات الانتقال, لاسيما بعد أن خرج مؤتمر الحوار بنتائج ارتضتها جميع القوى المتحاورة, وبعدما نجحت الجهود الوطنية - المتمثلة بجهود القيادة السياسية وجهود اللجان الرئاسية جميعها - في إسكات آلة القتل

اليمنيون يتهيأون اليوم لخوض غمار ما تبقى من متطلبات الانتقال, لاسيما بعد أن خرج مؤتمر الحوار بنتائج ارتضتها جميع القوى المتحاورة, وبعدما نجحت الجهود الوطنية – المتمثلة بجهود القيادة السياسية وجهود اللجان الرئاسية جميعها – في إسكات آلة القتل وإقناع أطراف الصراع بالإذعان لمنطق الصلح حقنا للدم وصيانة للأرواح .. وكان أن وضعت الحرب أوزارها, واستعاد اليمنيون أنفاسهم, وأصبح الجميع أمام مسؤولية إعادة التفكير في جدوى الصراع وإراقة الدماء, وضرورة أن يواسي كل طرف نفسه في قتلاه, ويتذكر الأحزان التي دخلت بيوتا كثيرة فيها الموجوع والثكلى والأرملة واليتيم.
وعليه فلا ينبغي اليوم لأي طرف كان أن يسمح لنفسه بإشعال الحرب وتفجير بؤر جديدة للصراع, ومن سيسمح لنفسه بذلك فعليه إثمه, بل عليه أن يتذكر أن أكثر من 25 مليون مواطن يمني يراقبون الأوضاع عن كثب ولا يزالون يرسمون لمن يقف ضد سيادة الأمن والاستقرار صورة تزداد اكتمالا كل يوم.
إن الذي سيبادر إلى صناعة الحرب ولديه هوس بها سيكون طرفا فاجرا بإرادة اليمنيين وتوقهم إلى حياة آمنة ومستقرة, وستكون حربه في هذه الحالة شبيهة بـ (حرب الفجار) في الجاهلية التي دارت بين قريش وكنانة وبين هوازن, وكفر المتحاربون فيها بالشهر الحرام وأوصلوا الاقتتال إلى الحرم, فأطلق العرب عليهم (الفجار), وهو قياس لابد أن يكون مع الفارق, فأولئك الفجار كانوا وثنيين, وأما نحن فمسلمون, وكانوا في جاهلية, وأما نحن فقد علمنا ولسنا معذورين في شيء.
إن من المفترض اليوم أن تنعدم كل أسباب التوتر, وإن عاودت للظهور هنا وهناك, فالدولة من مسؤوليتها أن تتبع ذلك وتقوم بمعالجته, فكل أطراف الصراع حين يتحدثون يؤكدون أنهم يريدون (دولة) ويؤيدون حضورها, وهيمنتها على الجميع, ولذلك نقول: اتركوا الفرصة للدولة لكي تؤدي واجباتها وتثبت وجودها كما تطمحون, ومن سيقف دون ذلك فهو الخاسر, ومن سيختار طريق العداء للدولة فهو الخاسر أيضا.
يكفي ما سال من الدماء .. ولا مفر من أن نتعايش مع بعضنا ونقبل ببعضنا ونغفر لبعضنا أخطاءهم ونترك الماضي بما فيه, فلا شيء من أمور الدنيا وزخرفها يساوي قطرة دم يمني, هذا إذا كنتم تحبون هذا الوطن وتفاخرون بالانتساب إليه, وتتنافسون حقا على خدمته ونيل رضاه.
كل من يجد راحته في ظل الحرب والعنف عليه أن يتذكر أن ثاني رئيس للجمهورية, وهو القاضي عبدالرحمن الإرياني رحمه الله, حين جاء إليه رموز حركة التصحيح يشاورونه في التنحي, قال لهم: والله لن أسمح بإراقة قطرة واحدة من أجل بقائي على كرسي الحكم .. أنا متخل عن هذا المنصب, ولا أريد منكم سوى أن تهيئوا لي الطريق إلى المطار.
هذا كلام إنسان مخلص لوطنه, محب لأبناء جلدته, ويعز عليه أن يصاب يمني بأذى في سبيل بقائه في السلطة.. ألا يستحق هذ الكلام أن يتمثله كل من يستسهل التضحية بالعشرات أو المئات من أتباعه ولا تهتز له قصبة¿ وكلما انطفأت نار الحرب قدح زنادها من جديد¿ اتقوا الله في دماء المدنيين .. اتقوا الله في دماء الجنود .. اللهم هل بلغت, اللهم فاشهد.
fathi9595@gmail.com

قد يعجبك ايضا