»مكنون السر في تحرير نحارير السöر «
إعداد/محمد محمد العرشي

> أخي القارئ الكريم.. يسرني أن أقدم لك تعريفا بكتاب «مكنون السر في تحرير نحارير السر» النحرير هو الحاذق الماهر العاقل المجرب الرجل الفطن المتقن البصير في كل شيء وجمعه نحارير والسر: هو إحدى مناطق مديرية بني حشيش من محافظة صنعاء.. والكتاب ألفه العلامة يحيى بن محمد بن حسن بن حميد المقرائي وقد عمل المحقق له مقدمة شملت 21 صفحة ونستطيع من خلال اطلاعنا على هذا الكتاب أن نستخلص العديد من الحقائق الهامة.
أولا: إن اليمن الموحد بجميع مدن شماله وجنوبه وشرقه وغربه كان يزخر بالعديد من العلماء المبدعين في كافة مجالات المعرفة الفقهية والعلمية والتاريخية والرياضية والزراعية وأن كافة المكتبات في اليمن أو في العالم العربي والإسلامي زاخرة بمؤلفاتهم.
ثانيا: إن العصبية والمناطقية والطائفية والمذهبية هي التي حالت دون معرفة محاسن وإبداعات بعضنا البعض في كافة محافظات الجمهورية.
ثالثا: إن الفساد الخلقي والاجتماعي والسياسي حجب بصورة مباشرة الرؤية عن ما تملكه اليمن من تراث علمي وفكري في كافة مدنها حتى أن معظمنا لا يعرف أن في معظم محافظات اليمن علماء مشهورون على المستوى العربي والإسلامي بمؤلفاتهم ولم نعرفهم إلا من خلال المستشرقين والباحثين في الجامعات الأوروبية والأميركية.
كتاب مكنون السر في تحرير نحارير السر
الكتاب يقع في ثلاثمائة وخمس عشرة صفحة وضع له المحقق مقدمة تقع في إحدى وعشرين صفحة وأكد في هذه المقدمة أن نشر التراث ليس غاية في حد ذاته بل أنه قوة متحركة مبدعة بحيث يتم تحويل التراث إلى عامل إيجابي محرك لعوامل الإبداع وفي نفس الوقت يسلط الضوء على عوائق التقدم وفي نفس الوقت يعطينا المعرفة بجذور الإبداع في أي مجتمع وزمان ومكان واستطرد المحقق في مقدمته الطافية أن التراث يبدد أي مقولة قد تصرف الأمة عن دراية بالبحث الجاد عن الحقائق التي قد تصرف الأمة والمجتمع عن معرفة الأسباب الحقيقية والجوهرية عن تخلف الحاضر وأضاف أن هناك حقيقة هامة خاطئة ومضللة هي أن اليمن عاشت أكثر من ألف سنة في جهل مطبق وأن هذه المقولة تجافي حقائق التاريخ لأنه ليس من المنطق القول إن اليمن عاشت طيلة ألف ومائتي عام خالية من المعارف والعلوم وربما أن هذه المقولة قد جاءت من خلال نظرة قاصرة عن البحث أو من خلال اتباع الهوى ولم تراع قوله سبحانه وتعالى «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجر منكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى وأتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون»المائدة آية «8» صدق الله العظيم
وقد حاولت في مقالي هذا التعريف بكتاب «مكنون السر في تحرير نحارير السر» أن لا أتعرض لرؤية القاضي المرحوم إسماعيل الأكوع لأنها في الأساس لا تتفق مع التاريخ الفكري والعلمي في اليمن الذي هو شخصيا قد حاول أن يثبت عكسها بصورة غير مباشرة في كتابه «هجر العلم ومعاقله في اليمن» وكتابه «المدارس الإسلامية في اليمن».
وقد أشار المحقق- أطال الله عمره- إلى أنه في القرن العاشر ذكر مؤلف هذا الكتاب المرحوم العلامة يحيى بن محمد بن حسن المقرائي أن هناك «أي في عصر المؤلف» من يتوهم في عصره أي في القرن العاشر الهجري أنه لم يكن في وادي السر «حاليا في بني حشيش» حركة علمية وإذا كان ذلك قبل أربعمائة سنة وأكثر فكيف في عصرنا الحاضر في القرن الرابع عشر الهجري وبداية القرن الحادي والعشرين الميلادي لا سيما أن أغلبية سكان الجمهورية اليمنية من الشباب لا يعلمون أن هناك حركة علمية في معظم مدن اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه التي تخرج منها علماء يشهد لهم التاريخ في كافة فروع المعرفة ومنها علم الرياضيات ومنها علم البيطرة ومنها علم الكلام والزراعة ومنها علم الجبر ومنها علم الموسيقى سواء من عدن أو من صنعاء أو من زبيد أو تعز أو الجند أو حضرموت أو بيت الفقيه أو من ذمار أو من شهارة أو من صعدة مما جعل الكثير من علماء العالم العربي والإسلامي يفدون إلى اليمن للدراسة في مدارسها وهجرها أو يدرسون فيها وللتدليل على ذلك يمكن للقارئ الكريم الرجوع إلى هذا الكتاب في كتاب «المدارس الإسلامية في اليمن» أو «هجر العلم ومعاقله في اليمن» للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع فبعضهم هاجر إلى اليمن ليحاضر في مدارسها أو في هجرها والبعض الآخر هاجر ليتعلم ويدرس في مدارسها وهجرها أو في جامعاتها أو جوامعها المنتشرة في جميع أنحاء اليمن على كافة مساحتها في المدن والقرى والعزل من بعد الإسلام إلى عصرنا الحاضر.
وقد أكد المحقق- أطال الله عمره- أن بداية الجفاف كانت في القرن الثالث عشر لأنه في نفس القرن كانت هناك نهضة علمية وفقهية وفكرية واسعة وقد ظهر في تلك الأيام علماء من أمثال الشوكاني ومحمد بن محمد زبارة وقد حاولت في كتاب الإعلان للمرحوم العلامة أحمد عبدالله السانة الذي حققت