بالقانون!

علي بارجاء


 - الالتزام بالدستور وبالقوانين النافذة وتفعيلها, هو ما يحفظ للدولة هيبتها, ويفرض سيطرتها على كل شبر من البلاد, وهو الرقيب على كل فرد من شعبها مهما علت مك

الالتزام بالدستور وبالقوانين النافذة وتفعيلها, هو ما يحفظ للدولة هيبتها, ويفرض سيطرتها على كل شبر من البلاد, وهو الرقيب على كل فرد من شعبها مهما علت مكانته, وعدم الالتزام بالقوانين وتنفيذها لا يمكن أن يحقق أي تغيير أو تقدم وبناء.
أكثر ما يستفز المواطن أن يسمع أو يقرأ في وسائل الإعلام أن مسؤولا قد قرر أو أمر أو وجه أو أصدر تعليماته لجهات في الدولة أن تفعل كذا وكذا, وما أكثر ما نسمع ونقرأ عن ذلك, في الوقت الذي ننسى فيه أننا في دولة ينبغي أن يسير كل شيء فيها سيرا طبيعيا يتفöق مع الدستور والقوانين التي ينبغي أن تفعل وتنفذ لتكفينا كثرة التوجيهات والتعليمات المتعارض كثير منها مع القوانين.
نسمع بترقيات وتعيينات لأفراد قد أكل عليهم الدهر وشرب, وهم يتربعون على كراسي الوظيفة العامة, ولو طبöق بحقهم قانون العمل لكانوا قد أحيلوا إلى التقاعد منذ سنوات ولكن مخالفة القوانين كانت إلى صفöهم, فظلوا في مواقعهم, وأحيل إلى التقاعد من لا حول له ولا قوة. نتذكر إحالة أعداد كبيرة من الضباط الجنوبيين إلى التقاعد في أكبر عملية إحالة جماعية للتقاعد في العالم على مرö العصور تسجل في موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية. وكان من نتيجة هذه الإحالة الجماعية ـ التي لم تراعö حقا من الحقوق الإنسانية, ولم يحسب لما يمكن أن تؤدي إليه من عواقب ـ إلى ظهور الحراك الجنوبي الذي يطالب اليوم بفك ارتباط الجنوب عن الشمال! وصار من حقöنا اليوم أن نعرف من هو صاحب العقل الراجح الذي فكر في هذا الإجراء بحق ما يزيد على ثمانية آلاف ضابط وعسكري جنوبي, وبغض النظر عما إذا كانوا قد أعيدوا إلى أعمالهم, وأن إعادتهم جرت بسلاسة ومن غير تعقيدات فإن كبرياءهم المكسورة لا يمكن أنú تجبرها أية تعويضات مهما بلغت قيمتها, وأن تضامن غالبية أبناء الجنوب معهم ما هو إلا تضامن مع الحق, واحتجاج ضد فعل أقل ما يوصف به هو قول الشاعر حسين المحضار: (ولكن قد تجي وحúدöهú ولا تلقى قبول).
كانت إحالة أولئك الضباط إلى التقاعد مجرد قرارات خاطئة وغير مناسبة, جرت البلاد إلى أزمة معقدة كانت في غöنى عنها, لو حكم متخذوها عقولهم وضمائرهم, ولم ينجروا وراء أوهام وتفسيرات وأحكام مسبقة الهدف منها السيطرة على البلاد, وإخضاع جزء من الشعب بالقوة, ولو رجعوا إلى القانون والتزموا به لما حدث ما حدث!!
كم نسمع عن قرارات وتوجيهات تصدر مخالöفة للقوانين والمصلحة الوطنية, بالتوقيع على اتفاقيات بيع الثروات, أو بتأجير المصالح العامة للشركات بأبخس الأثمان, أو بتعيينات أو ابتعاث للدراسة العليا في الخارج, أو صرف مبالغ من الخزينة العامة, أو صرف أراض لأفراد من النافذين أو المسؤولين أو المقربين, وكلها تتسبب في المزيد من الاستفزاز للمواطن الذي لم يحصل على أبسط حق من حقوقه الشرعية القانونية, بل يشعر بالتمادي في تجاهلها وعدم تحقيقها له, وحرمانه منها.
قد يقول قائل: إن التوجيهات الصادرة عادة ما يشار فيها إلى مراعاة النظام والقانون, ولكن الذي يحدث أن التنفيذ لا يعرقل إلا حين يكون لصالح من لا سند ولا قوة له, بحجة التعارض مع القوانين والأنظمة. في حين لا يؤبه بتلك الأنظمة والقوانين عندما يكون المستفيد ممن على رأسهم ريشة!
كل الشعب أبناء تسعة أشهر, فعلى الجميع الالتزام بالقانون, وعلى المسؤولين الكف عن إصدار الأوامر والتوجيهات والتعليمات, التي يتعارض تنفيذها مع القوانين, حتى تسود المساواة والعدالة, وتمضي البلاد إلى التغيير والتطوير والبناء. وكل شيء بالقانون.

قد يعجبك ايضا