سيرورة الحلم والمنجز الإبداعي

علي أحمد عبده قاسم


 - يشكل الإبداع والمنجز الإبداعي للمبدعين  الشباب صورة كبيرة للمستوى الثقافي والفكري للبلد فضلا عن رسم صورة للرعاية للمؤسسات الثقافية في الوطن.. ففي الآونة

يشكل الإبداع والمنجز الإبداعي للمبدعين الشباب صورة كبيرة للمستوى الثقافي والفكري للبلد فضلا عن رسم صورة للرعاية للمؤسسات الثقافية في الوطن.. ففي الآونة الأخيرة نشط هذا الجانب والمشهد وتمكن بعض الشباب الموهوبين من إبراز حضورهم اللافت من خلال نصوص ومثابرتهم الإبداعية.
ولعل الشاعر/ زياد القحم واحدا من أولئك الشباب وقد صدر له مؤخرا ديوانه الموسوم بـ(تكاسير القمر) عن الأمانة العامة لجائزة رئيس الجمهورية للشباب احتوى الديوان على أثني عشر نصا في 123 صفحة من القطع المتوسط وفي القراءة للديوان وجدت عنصر اللغة التي تستقيض بالحلم.. وسوف أبدأ القراءات من العنوان.
إذا كان العنوان المدخل الرئيس لدراسة النص ومعرفة دلالاته باعتبار ذلك تعبيرا عن نسيج النص الداخلي واختزالا لمضمون المحتوى ولأن العنونة تحولت إلى فن يعكس قدرات الكاتب على التعبير الكثيف عما يريد فإنها بذلك تحولت إشارة وعتبة دالة عن المقصدية التي يريدها الكاتب.
وإذا كان ديوان الشاعر زياد القحم قد حمل عنوانا (تكاسير القمر) فالملاحظ للتركيب يجد أنه مركب إضافي من “تكاسير + القمر” وإذا ما أعيد النظر في التركيب وقراءة المفردة الأولى “تكاسير” فإنها جاءت على غير القياس باعتبار أن مصدر الفعل “تكسر” هو “تكسرا” وهو لا يريد التشظي والتكسر من هذه المفردة كما أظن ولكنه يريد تشظي الأضواء وتوزعها وعدم فمفردة تكاسير تساوي “أخاديد” وتساوي “تفاصيل” ولعله يريد الاختلاف والتباين لتلك الجزئيات وبذلك كانت إضافة التكاسير للقمر ليعطي العنوان الوضوح ومضمون الدلالة والخروج من المضمون القديم إلى الحديث الملعز مما يعطي القارئ إشارات من العنوان كتشظي الرؤى واختلافاتها والزعم غير الصادق في حب الوطن ويتضح ذلك من خلال النص الذي أخذ منه عنوان الديوان الذي به يعطي ما يلي:
“وهمية من الحالم
يرجع من ميدان الشمس المطفأة الآن
بلا ضوء في لهفته
وبلا حلم”. ص17
يعكس العنوان تقاسم الوطن بوصف القمر معادل رمزي للوطن..
“قرص القمر الآن
تقاسمه إخواني
وكل يحمل منه قطعة ضوء في مذهبه
ويقول لنقع يتطاير حول مطيته
القمر معي والباقون بلا قمر”. ص19
وهمية الوصول للغاية والحلم..
الموهومون بوصل القمر
الآن
أمامي في مرآة اللحظة
يتبارون مع الأوهام
ويروى القادم
فهم من غفلته
ما لم يره”. ص20
وكأن العنوان يعكس وهمية الصبح والانبلاج وبلوغ الحلم..
“والغمة جمعاء
إن عزمت في الليل على صبح تردد”.
وإذا تأمل القارئ نصوص الديوان يلحظ أن الشاعر يحاول أن يرسم الأوجاع والآلام والفقد.
وإذا كانت اللغة هي الوعاء الذي يصب فيه المبدع مضامينه ومن خلاله يستطيع القارئ أن يكتشف الدلالة فإن النص الشعري في الديوان اتخذ من اللغة السهلة سبيلا لتوصيل أغراضه ومقاصده ففي قصيدة “تكاسير القمر” كان الفعل المضارع هو المسيطر حيث كان عدد الأفعال المضارعة ما يقرب من خمسة عشر فعلا وهي “يسبح يرجع يستند يبدأ يرجع يستفتح تؤول يقول يخبو يسخر يتبادرون…إلخ” وهذه الأفعال المضارعة أريد بها الاستمرارية والديناميكية اللغوية في استمرارية البلادة وتعطيل العقل وكأن الأفعال المضارعة أريد بها الثبات والجمود من خلال سياقات الدلالة للنص “يرجع من أعماق الفعل الثوري بالاسم يسبح في لجج الفوضى البليدة يستند “إن عاد الضوء هيولي الحلم المعقد”.
ومما سبق تعكس دلالات إيحاءات استلاب الإرادة وتعطيل التفكير بوصف النص يسخر في الوصف ويتهكم مما يعكس نقمة على المخاطب.
“… يرجع هذا من ميدان الشمس المطفأة الآن
بلا ضوء
وبلا حلم أصغر مما راح به
وبلا إمكانية حلم”. ص17
يرجع من ميدان الشمس المطفأة الآن
أما في قصيدة (رأس أفعى) يحاول النص يرسم المضمون بشيء من السردية لأن السرد يعطي النص مساحة أكبر من الوصف والتعبير عن المضمون ليس فحسب بل حاول السرد أن يعكس الصراع مع الزمان والمكان وآلام الذات مع الحلم ويتمكن من توضيح صورة الزمان والمكان.
“المسافة أفعى
وفي كف أغنيتي ذيلها
سأحاول مادمت أعبر هذه الآلهة
أن أصل الرأس
أبحث عن فكرة فيه
دارت بلا محور”. ص47
من خلال ما سبق يحاول أن يرسم صورة للزمان والمكان وكلفة الصراع للوصول للحلم “المسافة أفعى”

قد يعجبك ايضا