تسييس الحياة .. إفشال لها!!

جميل مفرح


 - تتعامل القوى السياسية مع الوظيفة الرسمية وكأنها مركز انتخابي أو مقعد في مجلس شعب أو نواب لذا تتسابق إليها بطريقة ملفتة للنظر أقل ما يجوز في حقها من وصف أنها بشعة أو جشعة ويجري ذلك في سياق حصري يرتبط فقط بما تحققه أو يمكن أن يحق

تتعامل القوى السياسية مع الوظيفة الرسمية وكأنها مركز انتخابي أو مقعد في مجلس شعب أو نواب لذا تتسابق إليها بطريقة ملفتة للنظر أقل ما يجوز في حقها من وصف أنها بشعة أو جشعة ويجري ذلك في سياق حصري يرتبط فقط بما تحققه أو يمكن أن يحققه هذا الطرف أو ذاك الحزب بعيدا كل البعد عن الحسابات العقلية والمنطقية ومجردا تماما من دراسة وتوقع ما يترتب على ذلك من نتائج مؤثرة بشكل كبير على من يشغلون أو يفارقون تلك المقاعد الوظيفية بل والأدهى من ذلك دون دراسة الجدوى وعدم الجدوى والتخصص والاستحقاق ومستوى الأداء الوظيفي..
وهذا الأسلوب في التعامل مع الوظيفة بدون أدنى شك لن يكون له من نتيجة أو نتائج عدا التردي في الأداء والتعقيد في خدمة المستفيدين من خدمات الوظيفة الرسمية أي التقعيد في حق الوطن بادئ ذي بدئ ثم في حق المواطن الذي من الطبيعي أن تسعى الوظيفة العامة لتوفير أقصى المستويات من الخدمة التي يحتاج إليها أو تتطلبها حياته اليومية ومن هنا يتعارض ما تطرحه القوى السياسية من ادعاءات وما تزعمه من مثاليات تؤكد على أنها في خدمة الصالح العام وبين ما تنتهجه من سلوك يؤكد على أنها في مقدمة من يحاولون عرقلة حياة البشر ومصادرة حقوقهم كمواطنين وجدت الدولة بمؤسساتها وإداراتها ووظائفها لخدمتهم ورفع مستوى حياتهم قدر المتوفر والمستطاع!!
عموما تثبت القوى السياسية والسياسيون من يوم لآخر أنهم يلهجون في عوالم مصالحهم ومصالح توجهاتهم بعيدا وبعيدا جدا عما يزعمونه وتزعمه أحزابهم على أن المصلحة العامة للوطن والمواطنين ولا يمر يوم من أيام حياتنا دون ان تتكشف هذه الحقيقة المرة حتى ان المواطن الغلبان لم يعد يصاب بالصدمات جراء ما يحدث هنا أو هناك من الصدامات والصراعات التي تشعلها هذه القوى داخل وخارج مؤسسات الدولة.. ولكن برأيي فإن في ذلك حسنة وإن كانت واحدة وحيدة فهي كافية ومجزية وهي انكشاف هذه القوى السياسية على حقيقتها أمام المواطن, تلك الحقيقة المرة التي تؤكد على أنها إنما تلهج لتعزيز أماكنها ومتارسها داخل كيان الدولة ومؤسساتها أكثر من كونها تهدف إلى مصلحة عامة أو تراعي نتيجة واحدة تترتب على تصرفاتها الاستحواذية والإقصائية على اعتبارات حزبية بحتة ومحاولة تسييس الحياة العامة وإدخالها تلك المعتركات!!
وأخيرا أود التأكيد على أن ما يحصل من فشل ذريع واخفاقات في أداء مهام الدولة والحكومة أمر طبيعي وطبيعي للغاية باعتباره نتيجة حتمية للتعامل مع الوظيفة بهذه الطريقة وهذا التفكير المحدود أو المقتصر على مصلحة الحزب أو التوجه على حساب المصلحة العامة أو مصلحة الشعب الذي حلم ويحلم بالأفضل وبالتجاوز بالوطن من مغبات الأزمات وتجاوز مراحل العثرات وحفر الفساد النتنة التي أصبحت تعمق من جثومها على أنفاسه وبات من الضروري أن تطرح وتناقش فكرة التنازع السياسي بعيدا عن الوظيفة العامة وخدمة المواطن ما لم فإن القوى السياسية ما تزال تصر على حضر معافدها وفتح بوابات الجحيم على تواجدها في حياتنا إن لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد فقد بات ذلك أقرب مما يتصور في حال استمر الوضع والحال على ما هما الآن.
والملاحظ بقوة في الوقت الراهن أن ثمة سعيا حثيثا من قبل هذه القوى باتجاه تسييس الوظيفة والخدمة والأداء بعيدا عن كل الاعتبارات والحسابات الطبيعية أو المفترضة بشكل يبعث الحزن ويستدعي الخوف على الوطن وعلى حاضره ومستقبله وعلى شعب صبر ويصبر أكثر من الممكن لينال جزءا ولو يسيرا من الأمن والاستقرار وهو حق له ونكرر ونعاود مناشدة القوى السياسية بالابتعاد قدر المستطاع عن تنغيص حياة البسطاء من أبناء هذا الوطن الذي يدعون حبه والوفاء له والتحذير من أن تسييس الحياة بكل مفرداتها بهذا الشكل المقرف لم يكن يوما ولن يكون في صالحها إطلاقا لو أطلقت عنانها للتفكير والتأمل وقرأت الواقع قراءة جيدة وما يمكن أن يترتب على معطياته.

قد يعجبك ايضا