نكران
محمد المساح
ذلك الكم الهائل من الناس الذين مضوا والذين يأتون والذين سيأتون لا يعبرون أبدا سطور التاريخ وكأنهم حقيقة وليس مجازا لم يأتوا.. ولن يأتوا سيان كان لهم ضجيج وصخب أومروا خفيه أو عبروا دروب الدنيا صامتين ومطرقين.
ذلك الكم الهائل من الناس هم من عبدوا الدروب وحملوها الدنيا والحياة فوق أكتافهم وحضوا تركوا الإشارات ونصبوا البيارق. أقاموا الأعمدة وأنهضوا الجدران في الفضاء.. كم هائل يأتي ويذهب يحل محلهم ويأتي غيرهم.. لكنهم أبدا لم يعبروا سطور التاريخ ولا سكنوا هوامشه في تتابعهم وتدفقهم الذي لا يتوقف ما دامت حياة تنبض وانفاس تملأ الجو شهيقا وزفيرا يبدعون ويجملون الحياة يطرقون الأماكن النائية ويبعثون فيها الحياة.. يشقون الصخور..ويرسمون أجمل الأشكال.. يفتحون الأبواب وينقشون على براويز النوافذ مداخل ومخارج للهواء.
تبدو فيها على مدى النظر عظمة الإنسان قد يكتبون أسماءهم عرضا على الجدران تظل ليوم وليل.. ثم تنمحي بعوامل التعرية
يتبادلون في تواكبهم معا ذكريات عزيزة مواقف مؤسسية ومؤلمة لكن سطور التاريخ جاحدة ومتنكرة وإذ لامست كلمة وحيدة في المتن وتجلت في حروفها نور جباههم التوى الهامش بتسويغ جاحد ينكر الحدث عامة تفصيلا حرثوا الأرض البكر وكانت ربابا وزرعوا ولم يطعموا حلاوة الثمار بتواضع مروا كالعهد بهم وأصواتهم الإدرة كانت ترج الأمكنة والقفار وفي سراب الرمل المشتغل غابت الأصوات وتلاشت في الصمت اللافح سكونا وهو يطبق بثقله الرهيب على الآماد والآفاق المعكرة بظلال الشك وعدم اليقين.