الدولة الاتحادية بين الحلم والواقع
ناجي عبدالله الحرازي
مرة أخرى يفاجئنا مجلس وزرائنا الموقر في خبر اجتماعه الأسبوعي التقليدي بعبارات غير مفهومة حول قضية مازالت غير واضحة المعالم وكأننا لا نعاني من غموض أشياء كثيرة تدور حولنا ولا نعلم كيف سينتهي الأمر بنا وبهذه الأشياء
هذه المرة فاجأنا مجلس وزرائنا الموقر بمباركته لحدث هام وإن اقر من حيث المبدأ وأجمعت عليه قوى سياسية عديدة في اليمن إلا أن تفاصيله الدقيقة مازالت غير واضحة ومايزال الجدل متواصلا بشأنه .. بين من يرى إمكانية تحوله إلى أمر واقع ومن يرى عكس ذلك.
مجلس الوزراء بارك الإقرار النهائي لأقاليم الدولة الاتحادية واعتبر ما توصلت اليه لجنة تحديد عدد الأقاليم إنجازا تاريخيا جديدا وواحدا من أهم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ..
وكأننا لا نعيش ما يدور حولنا ولا نفهم أن قرار اللجنة هذا والذي أعلنه الرئيس عبدرربه منصور هادي لن يتحول إلى واقع ملموس إلا بعد إقرار دستورنا الجديد الذي لا نعلم بعد كيف ومتى سيتم إنجازه .
والمفاجأة أن مجلس وزرائنا الموقر وهو حتى الآن يدير شؤون البلاد والعباد بشكل مركزي لا يختلف كثيرا عما عهدناه طوال العقود الخمسة أو الستة الماضية أعتبر أن الإقرار النهائي لأقاليم الدولة يعبر عن جدية التوجهات نحو انتهاج النظام الاتحادي القائم على اللامركزية المالية والإدارية بما يضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة والمشاركة الشعبية الواسعة في صنع القرار .. وكأنه يتحدث عن دولة أخرى وشعب آخر لا علاقة لنا به.
ويبدو أن رؤية مجلس وزرائنا الموقر لمشروع الدولة الاتحادية – كما يمكن الاستنتاج من الخبر المذكور – ولفكرة الأقاليم تذكرنا بحكاية راعي الغنم الذي غافله النعاس وهو ممسك بعصاه وبجواره سلة من البيض فراوده حلم لطيف بأنه سيبيع البيض ثم سيشتري بثمنه المزيد من الأغنام التي ستجعله ثريا ثم سيتزوج فتاة أحلامه وينجب منها أطفالا كثيرين وإذا لم يستمعوا إليه ويطيعوه فسيضربهم بالعصى ضربا مبرحا ..
وهنا اختلط الحلم بالحقيقة ليستيقظ راعي الغنم وإلى جواره سلة البيض الذي تحطم بضرب عصاه ..
فإذا كان مجلس وزرائنا الموقر يؤمن بأن هناك حاجة لتحقيق التنمية المحلية الشاملة والنهوض الاقتصادي المنشود ولتعزيز التنافس الإيجابي بين الأقاليم لاستغلال الثروات المتاحة وخدمة المواطنين بكفاءة وفاعلية وبتحديد المسؤوليات على نحو أدق فلماذا لا يبادر بمفاجأتنا بمشروع طموح بهذا الخصوص عوضا عن انتظار نظام الأقاليم في إطار الدولة الاتحادية¿¿ .
صحيح أن مجلس وزرائنا الموقر جدد تأكيده على أن الحكومة ستسخر كافة إمكانياتها وستعمل بكامل جهدها وطاقتها في سبيل إنجاز واجباتها والمهام المناطة بها في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار إلا أن المتابع لاهتمام الأخ رئيس مجلس الوزراء وبعض أعضاء الحكومة بمؤتمر الحوار لم يكن بحجم التوقعات خاصة إذا تذكرنا مقاطعتهم لأعمال المؤتمر منذ بدايته وحتى جلسة الختامية !!!
ويبدو أن الأخ رئيس مجلس الوزراء كان قد قرر الاكتفاء بمتابعة أعمال مؤتمر الحوار منذ انطلاقه من خلال التقارير الواردة إليه أو ما تناقلته وسائل الإعلام .. وأن اهتمامه بهذا الملف سيكون أكثر جدية خلال المرحلة المقبلة.
المضي قدما في بناء اليمن الجديد ودولته الحديثة القائمة على العدالة والمواطنة المتساوية وسيادة القانون لا يمكن أن يعتمد على الأخبار أو البلاغات الصحافية ولا بد أن تسبقه وقائع ملموسة تؤكد جدية هذه الحكومة واهتمامها بمستقبل البلاد والعباد.