لماذا تغتالون سدنة اليمن وحماة أمنها ووجودها¿!
د. فاضل القعود
نعم لطالما ثار هذا السؤال وما يزال يثور كالبركان, في نفسي بين الحين والآخر كما أظنه –بالقطع- يثور في نفوس الكثيرين من أبناء شعبنا, خاصة مع استمرار تكرار هذا الإجرام الوحشي الممنهج وغير المسبوق تجاه أرواح سدنة اليمن و حماة أمنها ووجودها ووحدتها, ممثلين بمنتسبي القوات المسلحة والأمن. وأتساءل بما يجيب -من بعض الوجوه- عن هذا السؤال الكبير هل لأنهم نذروا أنفسهم في سبيل أن يحيا شعبنا اليمني آمنا مطمئنا وفي سبيل أن تكون اليمن قوية منيعة الجانب من أعدائها المتربصين بها شرا وما أكثرهم لا سيما في هذه الآونة كما يعلم القاصي والداني¿ أو هل لأن القوات المسلحة وقوات الأمن تمثلان المعقل الأخير والحصن الحصين للحفاظ على وجودنا وكينونتنا: شعبا وجغرافيا أو بالأحرى دولة في هذا العالم وإن في الحدود الدنيا لمفهوم الدولة¿
وعلى أية حال لا يختلف عاقلان إطلاقا في أن من ينفöذ عمليات الاغتيال والقتل الممنهج بحق قوات الجيش والأمن لا أقل من أن يوصف بالمجرم الذي حقöن عقله وقلبه بل وكل كيانه بماء الحقد والعدوان وإكسير الموت والفناء إذ ما ذنب هؤلاء الضباط والجنود المنتشرين في طول البلاد وعرضها بعيدين عن أهلهم وأطفالهم ما ذنبهم أن يغدرهم الموت المجاني بين الحين والآخر فجأة ودون سابق إنذار وليس لهم من جريرة سوى أنهم نذروا حياتهم لهدف واحد وحيد ألا وهو أن نبقى وتبقى اليمن!!
وهنا يحق لنا أن نوجه سؤالنا مجددا لأولئك المجرمين القتلة حيثما حلوا قائلين: لماذا يا صناع الموت تزهقون حيوات وأرواح صناع الحياة والأمن والوجود حتى بلغنا تحت ضغط بشاعة فعلكم, درجة من اليقين بأنكم لستم من البشر وإنما مخلوقات إما من طينة شيطانية أو من نطف قذرة أفرزته خصى قردة خاسئة فكنتم بئس الخلق وكان حصادكم بئس الحصاد¿¿ لماذا بشظايا توحشكم البربري وعنفكم الهمجي تمزقون نسيج الأمن والسلم والاستقرار¿ هل لأن نفوسكم خربة وعقولكم مستلبة فما كان منكم إلا إزهاق حماة مشروعنا الوطني الأكبر الذي غدا حلما جميلا يلتف حوله كل أبناء شعبنا اليمني العظيم ألا وهو حلم بناء يمن جديد¿
غير أننا ومع فظاعة فعلكم لا نتردد في أن نقول لكم: موتوا بغيظكم وإجرامكم فسيبقى جيشنا وقوات أمننا وستبقى اليمن وسيمضي شعبنا الخالد -رغم مكركم و تآمركم وسوء أعمالكم- نحو يمنه الجديد المؤسس على قيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية ودولة النظام والقانون.
وفي أفق هذا الموضوع لا أملك وكلي أسى وحزن على من قضوا من منتسبي القوات والأمن أقول لا أملك إلا أن أتحدث ولو بكلمات قليلة يحتمها علي واجبي الوطني والأخلاقي والإنساني عن واحد من ضحايا هذا الإجرام الممنهج تجاه حماة الوطن وذلك كنموذج ألا وهو الشهيد عبدالله الخمري أحد ضحايا تفجير الحافلة العسكرية بمنطقة دار سلم منذ أيام قلائل أتحدث عنه لأني عرفته عن قرب كيما ندرك هول الفجيعة وفداحة الخسارة ……
فعبدالله الشاب الثلاثيني والأب لثلاثة أطفال ورابعهم سيأتي قريبا عرفته منذ سنتين وللأمانة فقد أحببته منذ أول لقاء جمعني به كيف لا وقد لمست في شخصه الرائع النبيل سبيكة من المعاني والقيم الإنسانية النادرة في هذا الزمن وفوق هذا وذاك دماثة الأخلاق ورحابة الصدر والتشبع بالتفاؤل والرجولة الفريدة …
ببساطة متناهية لا يملك من يعرفه إلا أن يحبه ويشعر معه وهو يحادثه بغير قليل من الحميمية والدفء الإنساني ثم تعمقت معرفتي بالشهيد من خلال الأعمال الخيرية والإنسانية التي تنهض بها مؤسسة الرفقاء, فوجدتني أمام شخص استثنائي حقا حتى لكأنه فيض من المبادئ الإنسانية التي يتلازم فيها القول والفعل معا يتلازمان سيمفونية واحدة تأسر القلوب والعقول سواء بسواء. ولا أعدو الحقيقة إذا ما قلت إن عبدالله كان –بالفعل- أنشودة إنسانية أثيرة ونموذجا رائعا للشخصية الإسلامية والوطنية الحقة المشتهاة في زمن قل فيه الرجال المضيئون, ولا أكون مبالغا أيضا إذا ما قلت إن عبدالله كان نسيج وحده وهو ما جعل الأمكنة, والأزمنة به مسرورة لنفاسة معادنه ومناقبه… كان عبدالله يعمل متطوعا في (الرفقاء) في الفترة المسائية بعد تأدية واجبه الوظيفي العسكري في قاعدة الإصلاح المركزي في الفترة الصباحية وقد دعاه الى العمل في فضاء الخير -كما أخبرني– إيمانه العميق بضرورة مساعدة المحتاجين والفقراء والبائسين الذين يشكلون النسبة الأكبر من سكان اليمن لا سيما في هذه الآونة الصعبة التي يمر بها شعبنا وكانت أول بذور عمله وثماره في حي السواد – دار سلم الذي كان يسكن