أحداث قصة غير معلنة
طلال قاسم
طلال قاسم –
على أطراف فصل الخريف التقيا هناك وكان لقائهما كما بدا بلا مقدمات أو مواعيد مسبقة كان لقائهما حينها يبدو خفيفا كتلك الأوراق الصفراء المتساقطة دون أن يسمعها أحد هم كذلك لم يسمع أحد بلقائهما أو عماذا كانا يتحدثان بدا المشهد وكأنهما يتهامسان لم يعثر أي إنسان على أي أثر لكلماتهما التي قيلت حينها.. لقد كانا عبارة عن قصة لم ترى ولم تسمع ولم يحكها أحد حتى أنا الذي يكتب عنهما الآن لا أفعل سوى سرد ما لا أستطيع الجزم به فقط سرد تخميني بحت لقصة غائبة حدثت خارج ذاكرتي وذاكرة البشرية بأكملها ولست مبالغا حين أقول ذلك لأني أستطيع أن اقسم لكم أن أحدا لم يسمع همسهما.. ولم يراهم وهم يتبادلان الحديث وربما النظرات الربيعية رغم أن الفصل كان خريفا حينها كما سبق وخمنت لكم لم يرى أحدا ربما تلك القبل التي تبادلاها وما أكثرها هي التفاصيل التي لم يرها أو يسمع عنها أحد حول ما حدث بينهما وماهية طبيعة لقائهما في تلك الساعات المتأخرة من الخريف إني حتى مهما حاولت أن اعتصر ذهني التخيلي أو ذاكرتي المتخيلة والمفرغة منهما لا أستطيع أن أعرف ما حدث أو لماذا التقيا هناك وفي ذلك الوقت ولماذا كان الفصل خريفا بالتحديد¿! كل ما في الأمر اني أشعر أن الخريف هو أهم الفصول التي تمر فيها الأحداث والتفاصيل في خفاء تام فما أكثر ما نراقبه ونعرفه ونكتشفه في فصل الربيع مثلا فنحن فضوليين وتواقين جدا تجاه فصل الربيع أما الشتاء فلا أحد يستطيع أن يفكر به دون أن يكون هنالك في أعماق ذاكرته الشتوية ذكرى باردة أو متجمدة.. أما الصيف فهو أكثر الفصول التي تحمل ذكرياتنا الدافئة والمشتعلة.. لذلك أعتقدت أن تلك القصة إنما كان حدوثها في ذلك الخريف مع موسم تساقط الأوراق المنسية.
في الحقيقة تمنيت لو عرفت قصتهما وما حدث بينهما بعد ذلك اللقاء وهل استمروا في الحياة معا حتى اليوم آه كم أتوق لمعرفة أحداث تلك القصة الغير معلنة في ذاكرتي وفي ذاكرة البشرية بأكملها.
في أحيان كثيرة وأنا أنظر من النافذة أي نافذة كانت ترافق مخيلتي الكثير من الحكايات الغير معلنة يصاحبها ما يشبه موسيقى هادئة تعود إلى أصول يابانية ربما تسكب في أعماقي خواطر ضبابية وحزينة كالمطر كإيقاع قصتهما الغائبة كل ذلك يحدث وما زلت انتظر خبرا أو تلميحا يخبرني عما حدث حينها وعما صارت إليه الأمور بينهما أولئك الذان التقيا في فصل الخريف ولم يعرف أحدا ما يمكن سرده بشكل حقيقي ومتيقن عنهما. قد يقول قائل : ولماذا كل هذا الإصرار لأن أعرف قصتهما¿!.. ربما لإني مملوء بالفضول تجاه معرفة كل ما لم تعلنه الحياة.. وربما كان هنالك سببا آخر عظيم وكبير بما يكفي ليكون مبررا لكل هذا التوق ربما لو كنت بوذيا أو مؤمنا بالتناسخ لاعتقدت أن السبب هو أن احدهما كان أنا في حياة سابقة وأحاول اليوم تذكر ما حدث حينها.. كم تكون إجاباتنا أسيرة لمعتقداتنا وكم أنا معتقد الآن أن تلك قصة قد حدثت وكان ينبغي لأحدö ما على هذه الحياة أن يعرف أحداثها نعم كان ينبغي ذلك.