حوارات السلاح

أحمد الشرعبي

 - 
لست ادري إلا أن مؤتمر الحوار الوطني أنجز مهادا نظريا مقبولا لبناء دولة المستقبل لكنه اشاد شراكة سياسية قادرة على وأد أحلام البشر وحرق اعشاش الكناري وسوق

لست ادري إلا أن مؤتمر الحوار الوطني أنجز مهادا نظريا مقبولا لبناء دولة المستقبل لكنه اشاد شراكة سياسية قادرة على وأد أحلام البشر وحرق اعشاش الكناري وسوق اليمنيين إلى مزارات إسطنبولية وبشاورية وحسينية تجللها نجمة حمراء تهدي نخب الانفصال لسلاطين الجنوب وتعتق عرق الكادحين خبزا طازجا يمهر اصابع الضحايا المنتظرين تحت انقاض الشمال الجريح نتائج السباق الآمادي بين المهدي المنتظر والامام الاثنا عشر !!
قلنا مرارا لابأس من وضع اطار يجمع اطراف الصراع .. لا بأس ان تصبح المشكلة جزءا من الحل أو على الاقل ريثما يكشف كل فريق خارطة الغامة ويشترك في توفير ممر آمن يسلكه الرئيس المنتخب نحو المستقبل .. لكنهم واصلوا مسيرتهم التهكمية بابتذال أسوأ نماذج التهافت العربي على السلطة
لم يكونوا يوما مع مستقبل يخص الفقراء وان كان بعضهم سجل شيئا من ذلك فمن أجل استدامة الفقر وتمجيدعوالمه !! أجل لم يكونوا مع يمن مكتمل الهوية والسيادة لا لتشوش تاريخي عالق في مداركهم ولكن لانطلاقهم من استراتيجيا ايدلوجية تصادر الانتماء الوطني لمصلحة عوالمهم السحرية التي يتجاوزون معها حدود التأثر الفكري إلى الالتزام السياسي العضوي ¿ وما دامت علاقاتهم بالوطن على هذا النسق المضطرب فمن أين وآتاهم الحنين لمستقبل اليمن¿.. من خبراتهم المركومة في المماحكات¿ أم من إرثهم العريض بنقض المواثيق والعهود¿ أم بمكتسباتهم الأثيرة في سفر الخراب العظيم¿¿
خاضوا تجربة الحوار ولم يتعلموا أبجديات السلم الاجتماعي ولا معنى الدفاع عن الحياة بما هي أهم وأبلغ قيم المواطنة تماما كما لم يدرك راعي الحوار مدى حاجتهم الى تأهيل ثقافي وتربوي يدلهم على ماهية الوطن وماذا يمثل الالتزام لسيادة القانون وكيف يكون الاذعان لدور ومسئوليات الدولة .
وفي حقيقة الأمر بل ومنذ زمن بعيد لم يكن مستقبل اليمن على جدول الاشقآء ولا ضمن اجندات الحكومات الصديقة والا ما كبرت ممالك الطحلب ولا عرشت مستعمرات الفساد القيمي الممول خارجيا ولا استحوذت قوى الصراع على 90% من مقاعد الحوار لتغادره الى دأبها القديم ولاءآتها المعترضة على تغيير الحكومة والدفاع عن انجازاتها المرموقة في استنزاف فرص انقاذ الوضع .
ومقابل ذلك لو كان قادة الصراع الحزبي والمذهبي والمناطقي اخذوا دورات مكثفة في اخلاقيات الالتزام لمخرجات حوارهم السياسي ولو فرض الرئيس هادي على كل منهم ضمانات مشددة بالتخلي عن السلاح وعدم النيل من استقرار الوطن وهيبة الدولة ما امتدت حوارات المدافع الى محاذاة العاصمة صنعاء!! هكذا يتحدث الضحايا كما لو انهم بصدد عرض رأي انطباعي يمهد لموقف شعبي يفرض عدالة من نوع آخر لا تستثني أحدا من اندفاعاتها الجارفة وذاك لعمري خيار شمشونيسيئي ويتعين بحث السبل الممكنة لتفاديه .. وبالمناسبة يهيؤون لي ان قوى الصراع التقليدي اقصد قوى المغالبات الحزبية وجاهزيات الوفرة القاتلة لن تسمح للرئيس هادي بتدبر التحديات الماثلة امام اليمن ولا بمواجهة ارث الصراع وهي لن تتركه يفكر في اولويات بناء الدولة كما رسمتها مخرجات الحوار وليس أدل على ذلك من الالتفاف المبكر على تلك المخرجات وتطويقها بضمانات ترهن المستقبل لإدارة ومحاصصات قوى الصراع ومكناته الممولة تحت شعار فاضح (شركاء في الحل شركاء في التنفيذ)¿!
ان كانت هذه الشراكة عادلة الاسباب وجيهة الحجة فلماذا لا نجد أثرا يدل عليها على صعيد المواجهات الدامية في غير محافظة من محافظات اليمن .. وان كان لهذه الشراكة ما يبررها من نجاحات محرزة خلال حكومة الوفاق فلماذا يضع بعض فرقائها قدما مع السلطة واخرى في مربع الكيد والتحريض ..¿
منطق الاشيآء يقول أن الحوار الوطني أنجز اعترافا واضحا من القوى التقليدية بتطلعات عجز الماضي عن تحقيقها وازفت مواعيد التأريخ لنقلها الى عهدة قوى وطنية حديثة لم تكن في مراحل الانهيار امتدادا لمشاريع سياسية نشأت خارج حدود الحاجة الذاتية للشعب اليمني واخذت فرصتها في السلطة وقادت المجتمع نحو مآلات كالتي نرى .
منطق الاشياء وان كان لا منطق لها في اعتمالات الوضع يؤكد تناسل الانفاق وتعدد مواصفاتها حسب متطلبات اطراف الصراع لدرجة الخشية من أن تصبح وظيفة رئيس الجمهورية شبيهة بمهام الاخضر الابراهيمي وفي العادة.. حين تعترك جماعة من الفتوات فإن المبتدر لفض الاشتباك يغدو أوفر المشتبكين حظا باللكمات المتبادلة !!

قد يعجبك ايضا