لا شيء أصدق من دموع الرجال !

خالد الرويشان


 - كان الثلاثاء الماضي يوما يمنيا بامتياز .. بوقائعه وأحلامه وأوهامه. بأتراحه وأفراحه. كان نöتاج حöقبة , وارتجاج نخبة !.. كان صباحا داميا وصادما باغتيال ال
كان الثلاثاء الماضي يوما يمنيا بامتياز .. بوقائعه وأحلامه وأوهامه. بأتراحه وأفراحه. كان نöتاج حöقبة , وارتجاج نخبة !.. كان صباحا داميا وصادما باغتيال الدكتور أحمد شرف الدين , وظهيرة مثخنة بالفجيعة والخوف , عاصفة بالعاطفة والحماس , مترعة بالحزن والفرح , مثقلة باليأس والرجاء في نفس الوقت !.. ومساء فاغرا فاه انتظارا وأملا ووعدا !.. حقا , كان يوما يمنيا بامتياز !
لن ينسى اليمنيون أبدا تهدج صوت رئيسهم ونبرة أحزانه , وسحنة آلامه , وهجير نداءاته في تلك الظهيرة القاهرة المقهورة !.. كان يغالب ويجالد.. يغالب أحزانا مزروعة بين الجلد والعظم , ويجالد ذاكرة دامية تأبى إلا أن تكون حاضرة !.. كان يغالöب ما لا يدركه الحاضرون , ويجالöد ما لا يراه المؤتمöرون !.. وكانت عيناه تقولان ما لا يقال ! ولم يعد قادرا على القول : في فمي ماء !.. ذلك أن سحائب العاطفة كانت قد غمرت وغسلت كل من كان حاضرا !.. لا شيء أصدق من دموع الرجال !.. ثمة ما يزلزöل في لحظة فارقة,.. ثمة ما يغوي على ذرى موجة سامقة غارقة !
رغم مشاعري المضطربة المتناقضة.. وحتى غير الواضحة,.. أعترف أنني تأثرت , وليس منú سمöع كمنú رأى ! وكنت في أصيل ذلك اليوم قد سمعت وصفا لöما حدث مöنú بعض منú كان حاضرا.. ولم يثöر انتباهي كثيرا,.. حتى رأيت في إحدى القنوات تفاصيل ما حدث.. وكان ما حدث دراميا مثل فصل من رواية إغريقية !
أخيرا , ووسط زلزال من العواطف الجياشة , وعاصفة من الهتافات المدوية , تم التصويت على نتائج وتوصيات وضمانات مؤتمر الحوار الوطني في لحظة غائمة عائمة !.. وبعد عشرة أشهر كالحة فادحة.. صبرúنا عليها صبر الإبل على الماء في هجير الصحراء أملا في الوصول إلى واحة السلام والوئام !.. فهل نحن الآن على مشارف الواحة وتخوم الأمل بعد رحلة العذاب الطويلة القاسية ¿.. أدعو الله راجيا مبتهلا !
لكن العاطفة الجياشة وحدها لن تكون حلا !.. إنها مجرد ومضةö لهب سريعة ما تلبث أن تنطفئ أمام رياح الزمن القاهر الجائر !.. كنت في ميدان التحرير صبيحة 22 مايو 1990. لم أكنú أمشي على قدمين .. ما زلت أتذكر !.. نبت لي جناحان طöرت بهما صوب أفق لامسته بأصابعي ! كان شفقا ساحرا ضöعت في ضوئه وتماهيت بöلونöه.. وثمة حروف تنأى مثل حلم وتقترب مثل غيمة.. الجمهورية اليمنية !.. كان يوم ثلاثاء أيضا.. ما زلت أتذكر ! يالöلثلاثاءö المخاتöل !
اليمانون يئدون أحلامهم ! يدفنونها بأيديهم. ما تزال الجاهلية في عروقهم , والعصبية في دمائهم .. ما يكادون يصنعون آلهة حتى يأكلوها أو معبدا حتى يحرقوه.. أو وطنا حتى يتناهشوه !.. هل كان لا بد من تغيير اسم الجمهورية اليمنية وفي الأمم المتحدة أيضا !.. يالöقحطان ماذا تفعل بنفسها ونفيسها ! حتى مصانع السيارات تحتفظ بماركاتها ولا تتنازل عنها !.. لكننا مسحورون دائما بالشكل دون المضمون , ومن ذلك احتفالات النخبة بدلا عن إسعاد الشعب وإبهاجه بما يسعد ويفرöح , ولو كانت الاحتفالات تسعöد شعبا لكنا أسúعد شعوب الأرض قاطبة !
لا بد للمرء رغم كل المرارات أن يتفاءل .. وأن يحاول !.. ولعل تعاطف الشعب مع رئيسه بعد دراما الثلاثاء الماضي أن يكون فاتحة لعلاقة قائمة على الصراحة والثقة .. فاتحة تقول للرئيس : كن قويا بشعبك لا بöشعúثö النخبة , أقöم الدولة وأسúرöجú عزائمها , عاقöبú وحاسöبú من يقتل مواطنيك أو يغض الطرف عن دمائهم المراقة.. إنها الأمانة يا فخامة الرئيس !

قد يعجبك ايضا