أدهشتم العالم!
علي محمد البشيري
> تتجه أنظار العالم اليوم إلى صنعاء التاريخ والحضارة لمتابعة قصة نجاح فريدة على مستوى المنطقة العربية وخصوصا بلدان الربيع.
> يقف المتابعون في كثير من البلدان مندهشين وحيارى في نفس الوقت متسائلين: كيف لبلد كاد أن ينزلق إلى الحرب الأهلية ويملك أسلحة يفوق عددها ثلاثة أضعاف السكان أن يصنع (معجزة) بينما تتحارب شعوب سبقتهم للمدنية ولا يملك أي من سكانها قطعة سلاح¿!!.
> اليوم يتيقن العالم أن اليمنيين أصحاب (حكمة) فعلا كما أخبر بذلك النبي المصطفى محمد (ص) (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
> وبحكمتهم استطاعوا أن يصنعوا (اتفاقا) يؤسس لدولة مدنية حديثة و(وفاقا) على مختلف القضايا بحيث لا يكون هناك (غالب ومغلوب) أو (منتصر ومهزوم).
> كيف لا يندهش العرب والعجم وهم يرون اليمنيين جميعهم بمختلف انتماءاتهم الحزبية والقبلية والمذهبية يجلسون على طاولة واحدة فرحين مستبشرين يعانقون بعضهم بعضا بعد أن كانوا أعداء متحاربين يوجöه كل منهم سلاحه صوب الآخر!!
> وكيف لا يندهشون وهم يرون المتارس والثكنات العسكرية وقد تحولت إلى متنزهات وحدائق وأجواء الحرب الملبدة بالدخان وقد تحولت إلى أجواء احتفالية مفعمة بالأمل.
> لقد كان بان كي مون وبنعمر وعبداللطيف الزياني ومعهم كثير من ملوك وأمراء وزعماء البلدان العربية والأجنبية يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من اتساع المعارك التي كانت دائرة في صنعاء وأرحب وتعز وأبين وصعدة ومختلف مناطق اليمن بين مختلف الأطراف وكانت القاعدة المستفيد الوحيد من تلك الأجواء حيث تمددت واعلنت محافظة أبين (إمارة إسلامية)! .. وكان الجيش منقسما والعاصمة أيضا!.
> واليوم ها هو بان كي مون .. وبنعمر .. والزياني يرسلون التهاني لليمن قيادة وشعبا على هذا الإنجاز الكبير رغم الصعوبات والتحديات التي ما تزال تواجه العملية السياسية حتى اللحظة .. ويحضر بعضهم احتفالاته بنجاح الحوار.
> وأظن أن الزياني وبنعمر يعرفان أكثر من غيرهما الفرق بين 2011م و2014م فالأول تعرض للحصار في صنعاء وهو يقود جهود الوساطة والآخر تعرض للترهيب وللحملات الإعلامية الظالمة ومع ذلك صمدا .. وصبرا .. من أجل المساهمة في إنقاذ اليمن من الانهيار .. فلهما منا التحية والتقدير.
> إن الرئيس كان محقا وهو يقول لأعضاء الحوار في آخر جلسة لمؤتمر الحوار الوطني (لقد أدهشتم العالم بتغليبكم للروح الوطنية على الولاءات الصغيرة وقدمتم نموذجا رائعا في إدارة خلافاتكم السياسية بطريقة حضارية وبمسؤولية نادرة).
> ومثلما أدهش اليمنيون العالم وهم يقدöمون براءة اختراع خاصة بهم اسمها (الحوار) و(الوفاق) .. فقد أدهش رئيسهم العالم وهو يجاهد من أجل إنقاذ بلاده من الفشل المحتمل يسهر الليالي ويتحمل ضغوط جميع أطراف العملية السياسية لكي تصل (سفينة اليمن) إلى بر الأمان.
> حقا لقد أدهشت أبناء وطنك والعالم يا فخامة الرئيس وقدمت أنموذجا في الشجاعة والوطنية والإخلاص وعملت كل ما في وسعك لإخراج اليمن من محنته .. وقلت كلمتك المشهورة التي سيسجلها التاريخ في أنصع صفحاته (لا بد من نجاح الحوار حتى لو استشهد الرئيس ومعاونوه).
> وها هي اليمن تقدم اليوم أنموذجا فريدا من بين دول الربيع فلقد توصلت جميع الأطراف إلى اتفاق تنظيم العملية السياسية لا تهميش فيه ولا إقصاء لأي طرف لا رئيس مطرود ولا مسجون ولا شعب مقتول أو مشرد حتى الشباب الذين قاموا بإشعال الثورة رضوا بحل يخرج اليمن من أزمته وفي نفس الوقت يلبي تطلعاتهم في التغيير.
> لقد تجلت الحكمة اليمانية فعاش الجميع في وطن واحد يتسع للجميع .. فهنيئا لجميع اليمنيين هذا النجاح .. والشكر لكل من ساعد اليمن للوصول إلى هذا اليوم التاريخي وخصوصا الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العشر ومجلس الأمن الدولي ومبعوثه إلى اليمن الدكتور جمال بنعمر.