سلطان أحمد عمر.. فلسفة النضال والكفاح من أجل الحرية والبقاء

عبدالرحمن سيف اسماعيل


 - من أصعب المواقف في حياتنا أن يكتب المرء عن شخصية امتزجت فيها كل الصفات الجميلة كالمناضل سلطان أحمد عمر والذي كان وعلى مدى نصف قرن أحد أبرز أعمدة الحركة الوطنية اليمنية البارزين.
من أصعب المواقف في حياتنا أن يكتب المرء عن شخصية امتزجت فيها كل الصفات الجميلة كالمناضل سلطان أحمد عمر والذي كان وعلى مدى نصف قرن أحد أبرز أعمدة الحركة الوطنية اليمنية البارزين.
كان هذا الرجل واحدا ممن اشعلوا الشموع باكرا وحولوا حياتهم إلى مصابيح مضيئة من أجل اليمن يعملون في صمت وتواضع ونكران ذات وعلى الرغم من مضي عشرين عاما على رحيل هذا الفارس المترجل إلا أنه ما زال حاضرا في ذاكرة الناس مستوطنا وعيهم ووجدانهم وذاكرتهم فهو الذاكرة الحية التي سكنت التاريخ وأصبح وعيا مناصلا وخالدا أبدا.
رحل فجرا مع أول تباشير الصباح والليل ما زال يلملم ظلماته استعدادا للرحيل كان فارس يسكن فجرنا كما يسكن قلوبنا يعيش في جروحنا وتحت جلودنا وفي مسامات أجسادنا وفي حدقات أعيننا وفي جفوننا المتوردة.
غادرنا سلطان الرجل الطليعي التاريخي بصمت مخيف وذلك فجر يوم 13 ابريل 1993م والناس وقتها كانوا يترقبون موعد الانتخابات البرلمانية في 27 ابريل وهي الانتخابات الأولى التي يتم إجراؤها على أساس ديمقراطي تنافسي في ظل راية الوحدة التي اغتيلت في مهدها.
أفل سلطان عن دنيانا كما تأفل الشمس والكواكب عن مجرتها فقد كان شامخا شموخ الجبال ظل حاضرا في مختلف مراحل التاريخ المعاصر.
ارتبط بحركة القوميين العرب عام 1955م عندما سافر إلى مصر في خمسينيات القرن الماضي للدراسة هناك في المرحلتين الاعدادية والثانوية ثم اضطلع بدور أساسي في تأسيس فرع الحركة في اليمن وعمل جنبا إلى جنب مع الزعماء التاريخيين وقتها فيصل عبداللطيف وقحطان الشعبي وعبدالقادر سعيد وعبدالرحمن محمد سعيد وعبدالحافظ قائد كان سلطان رجل المواقف والمهمات الصعبة كان يتخذ مواقفه بشجاعة الرجال الاقوياء.
تشكل وعيه الأول على يد والده الفنان أحمد عمر العبسي الذي سجلت عدسته مرحلة من أصعب وأدق مراحل التاريخ وأكثرها تخلفا ودموية في عهد الامامة الكهنوتية.
وفي هذا المناخ الدموي عاش سلطان حياته الأولى وتشكل في ظله وعيه الثوري وبهذا لعب دورا رائدا في تفجير ثورتي 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م حيث عقدت حركة القومين العرب فرع الجنوب اجتماعا لها في الاعبوس قرية حارات مسقط رأسه بدار ابن عمه ورفيقه عبدالرحمن محمد عمر وعلى إثر هذا تشكلت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن واتخذ قرار الكفاح المسلح كأرقى أشكال النضال لطرد الاستعمار الذي احتل بلادنا بالقوة واصبح سلطان بعدها الرجل الأول في الجبهة القومية الشاهد على تطورها حتى تحقيق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م بعد ثورة مسلحة دامت أربع سنوات لم يشهد الاستعمار البريطاني مثيلا لها في المقاومة والاستبسال.
وكان حاضرا في كل المواقف الوطنية وعلى إثر الانقلاب الرجعي في 5 نوفمبر 1967م وما بات يعرف وطنيا بالردة الرجعية والانتهاكات المتزايدة التي طالت الثوار والمجتمع بصفة عامة عقدت بمسقط رأسه فعاليات مؤتمر حركة القوميين العرب فرع الشمال وتأسيس الحزب الديمقراطي الثوري اليمني حيث أصبح سلطان فيه أهم شخصية وسكرتيرا أول له عام1972م.
أشعل سلطان شعلة الثورة في واقع أكثر ظلاما وتخلفا أشعل جثوة النضال من أجل أن يظل اليمن حاضرا في حياة الناس وثقافتهم ووعيهم خالدا في سفر التاريخ الثوري ناضل بصمت ونكران ذات عاش حياته في غاية القسوة وعاش جزءا منها متواريا عن الانظار متخفيا ملاحقا كان مطاردا في الشمال ومطلوبا في الجنوب بعد الاستقلال بل ممنوعا من دخول الجنوب ولكنه وعن طريق رفيق دربه سالم ربيع علي والمناضل عبدالرحمن محمد عمر تمكن من الدخول متسللا إلى مطار عدن الدولي ومنه إلى بيروت لإكمال دراسته الجامعية التي كان قد أوقفها في الجامعة الامريكية ثم جامعة بيروت العربية متخصصا في الفلسفة وعلم الاجتماع.
وبمهارة الرجل المثقف العارف والموسوعي المتخصص أصدر كتابه المعروف «نظرة في تطور المجتمع اليمني» الذي فاجأ به مختلف الاوساط الثقافية العربية باستخدامه الواعي للمنهج الجدلي في قراءة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع اليمني حيث درس التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية الخمس على الواقع اليمني ونمط الانتاج الآسيوي مسلطا الضوء على واقع التطور الذي حدث في علاقات ووسائل وقوى الانتاج المادي وقد كان الأسبق في قراءة التاريخ وفقا للمنهج المادي تلاه في ذلك الفيلسوف اللبناني اليساري حسين مروة في كتابه الموسوم «النزعات المادية في الفلسفة الاسلامية» ولكن مؤلف سلطان كان الأهم باعتباره درس الواقع الاجتماعي والاقتصادي وفقا لهذه العملية.
وفي عام 1978م استمعت لمحاضرة للدكتور المصري اليساري ال

قد يعجبك ايضا