قراءة موجزة في فتاوى كبار الكتاب في مستقبل اللغة العربية

علي أحمد عبده قاسم


تشكل اللغة العربية اليوم واحدة الهموم الثقافية العربية نتيجة للتطور التكنولوجي السريع والذي حول العالم إلى قرية صغيرة كما يتردد فضلا عن التنافس الحضاري في مجال التعليم ومحاولة الدول المتقدمة فرض سيطرتها من خلال لغتها على الأمم الأخرى الضعيفة فكان من الضروري على الدول العربية والشريحة المثقفة أن تقف في مراجعات كبيرة تجاه لغتها وتتساءل عن موقعها من العصر من خلال الاهتمام باللغة والتلاقح الحضاري الذي يتأتى بواسطة اللغة بوصف ذلك مؤشرا من مؤشرات التقدم والتنافس والمزاحمة مما يعكس المستوى المزاحم للجنس العربي عموما.
وكنت أقرأ في كتاب مجلة الدوحة والذي خصص لرؤى كثير من الكتاب حول مستقبل اللغة العربية وقراءتهم لمستقبلها وكان بعنوان “فتاوى كبار الكتاب والأدباء في مستقبل اللغة العربية” ومن خلال القراءة يمكن أن يلخص ذلك الاستفتاء.
ومن خلال تلك القراءة يمكن أن أستهل تلكم القراءة للكتاب قراءة صورة العامية وأثرها في الفصحى ولعل أهمها: إيجاد لغة كتابية موحدة تقترب من الجمهور وهذا ما أكده المستشرق الإيطالي جويدي حيث يقول “يجب أن تكون هناك لغة كتابية موحدة وسهلة يفهمها الجمهور العربي وتكون مستقلة عن اللهجات العامية” وأظن أن هذه الميزة متحققة في الواقع العربي الصحفي باعتبار أن لغة النخبة التي تحدث عنها متواجدة أيضا “أما التعبير الخيالي فيجب أن يخصص للكتب ذات الصفة الأدبية الصرفة” ويقول جبران خليل جبران في مقال له في الكتاب وكأنه يجب عن الإيطالي جويدي “لأننا بفعل التنشئة التي قومت عليه نفوسنا أصبحنا نستغني عن كثير من الفضول… في الفواتح والخواتم ونتخير للمقام من المعاني والألفاظ كل ما يتساوق معه” وبذلك ابتعدت اللغة أو اللهجنة من لغة الكتابة إلا في بعض المقالات الساخرة أو بعض الكلمات النادرة التي تقوي من لغة الكتابة ولا تضعف ويأتي ذلك في المقالات الصحفية ولعل اللهجة والعامية في رأي جبران هي عامل من عوامل المحافظة على الفصحى والعناية بها خوفا من استفحال وسيطرة العامية عليها “اللغات العامية ستبقى ما بقى الزمان والمكان وإذا كانت الدولة العربية لم تتوحد فلن تتوحد إلا اللغات العربية كلها إلا بالفصحى ومن ثم سيكون أكبر سبب للعناية باللغة الفصحى هو اختلاف اللهجات العامية العربية”.
ويؤكد ذلك الكاتب جبر ضومط حيث يقول “إن العامية لغة الرعاع والسوقة بينما اللغة الفصحى هي لغة المتعلمين والمعلمين والمدارس والجرائد والكتب”.
ولعل الكاتب سعيد بنكراد حيث يقول “هناك خطر يمثله التلهيج المتزايد للحياة العامة والخاصة لأنه يقلص من الطاقة التعبيرية للغة العربية ويأتي من بعض الرؤى التي لها تبعية ثقافية صريحة أو ضمنية أو يأتي في الغالب الأعم من الأمية وانتشار في الشعور العربية.
ومن بعض الآراء التي انشغلت بالعامية واللهجات العربية إلا أن جميع الآراء أجمعت على اللهجة العامية ليست لغة كتابة ولا يمكن أن تكون كذلك إلا من بعض الرؤى المتطرفة التي لها تبعية ثقافية وبذلك هي في منأى اللغة العربية الفصحى والواقع الفكري العربي.
أما المحور الثاني من الاستفتاء فقد انشغل بالعوامل والمظاهر لقوة اللغة ولعل أهم ا”لأسباب التي ستؤدي إلى تطور اللغة العربية وقوتها الأحداث السياسية كالحربين العالميتين باعتبار ذلك سيؤدي إلى مدنية ونهوض حيث يقول رتشارد كوتهيل المستشرق الأمريكي “مما لا ريب فيه أن الانقلابات الناجمة عن الحرب الكبرى سيؤدي إلى تقريب الجنس العربي وتكوين ما نسميه “مدينة” وإن اللسان العربي والآداب العربية ستحتفظ بكيانها في المستقبل كما احتفظت به في الماضي” ويقول جويدي “لا ريب أن الامتيازات العظيمة التي حصل عليها العرب من جراء حوادث السنوات الأخيرة سيكون لها تأثير شديد في اللغة العربية”.
ولعل المستشرقين يرغبان في التلاحق الفكري من خلال الترجمة وإدخال المصطلحات الجديدة التي يمكن للغة استيعابها بوصفها واسعة وثرية ولعل جبران خليل يقرب هذا الجانب وقد قرب اليوم الذي يستطاع فيه وجود الكل من الاصطلاحات العربية المعربة بأحكام ومهارة لتلقين ضروب العلوم بلسان الضاد”.
ويقول عالم اللغة العربية (مستهل) “إن تأثير التمدن الأوربي وروحه الغربي فيها من أحسن ما يمكن وذلك لأن امتزاج الواحد بالآخر تنشأ حياة جديدة شبيهة بحياة شجرة قديمة أخرجت شطا حديثا مركب عليه من غصن شجرة أخرى غضة فتولد من التركيب شجرة جديد الماء والاهاب والحياة”.
وإذا كان أنطون حداد يؤكد أن التلاقح الحضاري سيؤدي قيام اللغة بدورها الحضاري باعتبار أن الامتزاج الحضاري ضرورة حياتية وفائدة حضارية “وليس ما يؤسف له إذا عرفنا كيف نستفيد من الأقوام التي تختلط بها فإن العصر الذي أقبل فيه كتاب العرب على نقل مؤلفات اليونان والرومان والفرس كان العصر الذهبي للآداب العربية”.
ولا يخالف الكتاب في ضرورة الاتصال بالآخر لعامل ق

قد يعجبك ايضا