التعليم لا يحفز على الإبداع.. والإعلام يجهل الخصوصية العمرية

كتب/ محمد صالح الجرادي

> في ظل غياب العناية الثقافية بأطفالنا يبقى أفق القادم مفتوحا على احتمالات خطرة وذلك أن المتوفر في الواقع وعلى أصعدة الأسرة والتعليم والإعلام كأبرز الحواضن المنشود منها تقديم ما يرتفع بتفكير وثقافة الطفولة ويهذب سلوكها وتعاملاتها يظهر في أقل المستويات من حيث فاعليته الإيجابية بل يذهب في معظم أشكال نتاجاته الموجهة إلى تثبيط تفاعلات الخصوصية العمرية للطفولة إن لم نقل يعزز أو يساهم في خلق تشوهات على المستويين التفكيري والسلوكي.
وتكاد تلتقي معظم الدراسات والأبحاث والاستطلاعات المنجزة عربيا ومحليا خلال النصف الثاني من الألفية الجديدة في تعرضها للتحديات والمخاطر الثقافية والسلوكية للطفل والنشء مقابل التدني المتسارع في البنى التعليمية واضطراد التوسع والانفتاح والانتشار التقني والتعدد الهائل لوسائل الإعلام في الفضاء المفتوح تكاد تلتقي هذه الدراسات عند التحذير من المخاطر المحققة لغياب الروافع التي تدعم تقويم المعرفة والتوعية الخاصة بالطفولة وبما يحقق التوازن الثقافي والفكري في الشخصية ويشجع على طفولة مبدعة ومبتكرة وذات نزعة اعتدادية ووتوقية بتفكيرها وطاقاتها.
وتتسق واقعية البعد الثقافي للطفولة في اليمن مع اعتمالاته في المشهد العربي عموما عدا أن الشاهد الفارق في هذه الواقعية بالنسبة للطفولة في اليمن يتحدد في انحدارات مهولة أفرزتها سنوات اللا استقرار السياسي وبروز انحسارات في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية كنتائج موضوعية لعامل اللا استقرار السياسي.
تحديات العجز والفشل
> وطبقا لدراسات ميدانية نفذتها أكثر من منظمة في حقل المجتمع المدني فإن مؤسسات الدولة المعنية كالتربية والتعليم والثقافة والإعلام تواصل عجزها وفشلها في التعامل مع تنامي ظواهر خطرة تشكل في سياقها الواقعي الشخصية التفكيرية والثقافية والسلوكية للطفل اليمني.
وباتت الطفولة في اليمن جراء هذا العجز الرسمي تواجه تحديات لا مناص من تأثيراتها السلبية في المستقبل بل صارت في تعبيرها الواقعي تتغذى على ثقافة العنف والصراع والاشتباكات السياسية والمناطقية والمذهبية.
وتحذر الدراسات هذه من مصادر إضعاف الثقافة الوطنية لدى فئة الأطفال والنشء كما تحذر من تغييب الهوية وإهمال حاجات الطفولة لأشكال المعرفة والثقافة والإبداع.
تقول إحدى الدراسات لقد ثبت تراجع التربية والتعليم عن دورها في النهوض بمستويات الطفولة تعليميا وإبداعيا وصار المنهج التعليمي في المدارس وللمراحل الأساسية على الأقل لا يلبي الحاجة بل هو منهج تثبيطي ولا يحفز على التعلم والتفكير المبدع.
وتضيف: الثقافة ووسائل الإعلام هي أيضا كجهات معول عليها الإسهام في هذا الاتجاه لم تستشعر بعد أهمية الأبعاد والتأثيرات السلبية لغياب برامجها أو نشاطاتها واهتماماتها الموجهة إلى واقع الطفولة في البلاد.
على الصعيد الثقافي ودور الثقافة ومؤسساتها يتضح أن لا شيء يستحق الذكر سواء ما يتصل بالمسرح الخاص بالطفل أو النشر والإصدار أو النشاطات الأخرى ذات العلاقة الوثيقة بالطفولة.
إعلاميا تتوازى الأشكال والوسائل الإعلامية في خط عدم تقدير الأبعاد النفسية والسلوكية جراء أنهما في الاشتغال على جبهات الصراع السياسي والحزبي وتعاليها عن تقديم الخدمة الإعلامية التثقيفية والتوعوية الهادفة والخلاقة إلى عالم الأطفال.
مؤسساتنا تخلت عن دورها الحقيقي
> ويأسف من جهته الدكتور عبدالرحمن المنيفي أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة صنعاء لواقع الطفولة في اليمن وبخاصة مظاهره الثقافية والتعليمية.
وفي حديثه معنا أشار إلى صعوبة الحديث عن نقاط إيجابية في واقع ثقافة الطفل وقال: للأسف ما نقدمه لأطفالنا في فصول التعليم أو في وسائل الإعلام لا يصلح لطفل يعيش القرن الحادي والعشرين.
موضحا: تخلي التعليم عن طرائقه غير السليمة في تشكيل شخصية وتفكير وثقافة وإبداع الطفل ما تزال أجهزة التعليم تراوح في نفس الحالة من الحشو وغياب التعليم الإبداعي والمحفز وهذا بالتأكيد يؤثر نفسيا على الطفل وينتج عنه عدم الثقة والقدرة والتفكير المبدع.
ويتابع: برامجنا الإعلامية في الفضائيات لا تراعي البعد النفسي للأطفال وتنتج آثارا عكسية إذا ما حاولت تقديم برامج موجهة لهذه الفئة.
ويتفق محمد الجميل دراسات عليا في علم النفس مع ما طرحه الدكتور المنيفي من أن المصادر التعليمية والإعلامية والثقافية تبقى للأسف في تعاطيها مع موضوع الطفولة في موقف المثبط والهادم أحيانا إنها لا تشجع على تنمية الطفل ولا تؤدي إلى ثقافة سليمة وواعية.
وكثير من برامجنا ونشاطاتنا لا تراعي الخصوصية العمرية للطفولة وبالتالي ينتج الخلل والعجز والإخفاق.

قد يعجبك ايضا