المعلم .. يا حضرات
عبدالله بجاش
عبدالله بجاش –
أصبح المعلم اليوم في يمننا الحبيب لقمة صائغة يتهافت عليها الجميع وكل بحسب مكانته بداية من مصادرة الحقوق المادية كالعلاوات السنوية وطبيعة العمل والاستراتيجية وهي مستحقات تضمن له الحياة المعيشية البسيطة إذا نالها دون أن تحقق له الأمنيات والتي لم تعد لها سعة في وجدانه وانتهاء بمكانته المعنوية في أوساط المجتمع وطلاب المدارس..حال المعلم اليوم يشكو ذاته فالمرتب البسيط يتم توزيعه على إيجار المنزل ومتطلبات الأسرة اليومية مع الحرمان من أشياء كثيرة .. المعلم يا حضرات إذا داهمه المرض يقف حائرا بين الذهاب إلى الطبيب ورشته العلاج وإيجار المنزل ومستلزمات الأبناء لأنه لا يملك أي مبلغ إضافي للطوارئ يستعين به فيحبس أنفاسه حتى لا يصرخ من شدة الألم .. المعلم اليوم يضرب ويهان داخل المدرسة من قبل الطلاب وبعض أولياء الأمور أما في الشارع حدث ولاحرج .. كل هذه المعاناة التي تهاجم المعلم من كل حدب وصوب تأتي في ظل صمت الراعي الأول للمعلم وزارة التربية والتعليم وغياب دور نقابة المعلمين ..
هذا الواقع المرير والمتأزم الذي يعيشه المعلم في بلادنا في ظل كلام كثير نسمعه عن دعم المعلم وحمايته ومؤازرته بينما الكلام غالبا ما يكون تنظيرا وأحلام يقظة بعيدا عن الواقع والذي يحكي فقدان مكانته وحرمانه من أبسط الحقوق والامتيازات المادية التي قد تشد من أزره لكن التنظير الزائد هو ما جعل حال المعلم يصل إلى هذا الحد عرضة للاعتداء من ضعاف النفوس والتجريح من قبل الجهلة وهذا غيض من فيض أوجد لدى المعلم الشعور بعدم الثقة بالنفس وعدم القدرة على أداء دوره التربوي بشكل سليم في بناء مجد الأمة .. وهنا لابد أن أذكر الجميع بقصة نقلتها إلى مسامعنا العديد من الوسائل الإعلامية حول حيرة العالم من سرعة تقدم اليابان وبحثوا عن شفرة هذا السر ولم يتمكنوا وفي الأخير سألوا اليابانيين عن السر .. فأجابهم اليابانيين بأن وراء ذلك المعلم فنحن نعطي راتب وزير أكرر راتب وزير أما ما نقرأه في الصحف والمجلات العربية والأجنبية فهناك العديد من المزايا لو أذكرها قد تزيد المعلم أكثر إحباطا على ما هو فيه وقد يتوه ويتمرد أو يلجأ إلى القصة المشهورة للمعلم (بول ماكميلان ) والذي لم يعرفها ( فهي تروي أن بول ماكميلان كان معلما في مدرسة بريطانية كبرى وبراتب سنوي يبلغ 33 ألف جنيه إسترليني ترك مهنته كمعلم وذهب للعمل كسائق قطار بمراتب 10 آلاف جنيه إسترليني سنويا وذلك استجابة لنصيحة ابنته التي كانت تلاحظ الإرهاق والتعب عند عودته من المدرسة فقالت له أترك مهنة التدريس قبل أن تقتلك يا أبي) ..وهنا قد يترك المعلم مهنة التدريس ويذهب للعمل كسائق سيارة أجرة أو دراجة نارية.
ولهذا أحذر الجميع من تهميش مكانة المعلم ومصادرة حقوقه لأن ما يعانيه قد بلغ السيل الزبى أكثر من ألف مرة وهذا يجلب الخوف من أن تصبح مهنة التعليم غير محببة وتفقد أهم معنى قاله شوقي .. كاد المعلم أن يكون رسولا.