فيس بوك أم (فيسبوك)
علي بارجاء
سئöلت أكثر من مرة عن سببö عدم نشري لأخبار ما يحدث على صفحتي في الفيس بوك فكتبت: «المشكلة في صفحتي هذه أنها لا تريد أن تتحول إلى وكالة أنباء, تعتمد على مصادر (قالوا), ولا تتهافت على المواقع والصفحات لتلتقط كل ما يكدöر صفو الناس, وتنقل لهم حتى الصöدق, ناهيك عن الكذب الذي هو وتوأمه من صنع البشر, لأن الذين يصúدقون القول قليل, كما يقول الشاعر الكبير حسين بن أبي بكر المحضار. لذا فمن يريد مني أن أنشر أخبارا لم أقتنع بها ولا أصدöقها, لأنها جوفاء ولا تهدف إلا إلى إثارة البلبلة فإني أعتذر لهم, وأحيلهم إلى صفحات كثيرة يروق لها أن تنشر الهراء, وتجري لاهثة لالتقاط كل غث من هنا وهناك غير عابئة بأمانةö كلمة ولا مöهنöية, وبجهل مطبöق بألفö باء الإعلام, وأدبيات الفضاءات المفتوحة.
حين نشرت ما نصه: «نؤيöد الهبة الشعبية السöلمية الحضرمية, ونحسبها هبة يقودها العقلاء من العلماء وشيوخ القبائل الحكماء, لتحقيق مطالب مشروعة, وأنهم من يراقبون إجراءات سيرها بسلام, تفاديا لانجرارها إلى ما يضر بالمصالح العامة, أو الخاصة وبأربابها من غير أبناء حضرموت الذين اختاروا العيش بين ظهرانينا, أو الانزلاق إلى مستنقعات الفوضى خلاقة كانت أو غير خلاقة. في الهبة سيتجسد السلوك الحضرمي الأصيل الذي يدعو إلى الحق ويستنكر الباطل مهما كان مصدره. ويضرب كل عابث بöيد من حديد ممن يحاول تشويه الهبة وبخاصة من الأطفال المتشردين. وتذكروا أن للناس احتياجات من شöراء وبيع, فلا تمنعوهم من ممارسة أعمالهم, وقضاء طلبات معيشتهم وقوتهم. ولا تضايقوا مسالما مهما كان.
حين نشرت هذا اتهمني من لا يفهم من التظاهرات والاعتصامات والعصيانات والهبات غير الحرق والتدمير, بأني لم أقل كلمة في أحد الذين قتلوا في مدينة المكلا, بينما أدعو في أكثر من منشور على صفحتي إلى الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وأربابها. في الوقت الذي لم أكن قد علمت بهذا الحادث, ولم أدرö بملابساته, ولم أكن شاهد عيان, ثم أن بيني وبين موقع الحادث مسافة لا تقل عن أربعمائة كيلومتر, وحتى لو كنت أول من علم, فهل ثمة ما يلزöم الإنسان أن يقول كل شيء¿! وهل حين يصمت ولم يقل رأيا في ما يحدث يجعله عرضة للمسؤولية, ويطاله بسببه عقاب أو جزاء¿!
للفيس بوك حسنات كثيرة, ولكنه قد يتحول إلى سيئة من السيئات حين يكون وسيلة من وسائل نشر الأخبار الكاذبة, (شأنه في ذلك شأن بعض الصحف التي قد تنسب كل حادث إلى أن فاعليه ينتمون إلى تنظيم القاعدة, كما حدث في مقتل الشيخ سعد بن حبريش), أو التحريض والدعوة إلى العنف, أو للمحاورات البيزنطية, والأخذ والردö فيما لا طائل من ورائه, أو تبادل الاتهامات والشتائم وإطلاق صكوك الوطنية, والتخوين عند الاختلاف في الرأي أو الفكر, وإن لم توافقهم (فيسبوك), فيصبح ضرره أكثر من نفعه حين يستخدمه من لا يفقه منه غير هذه الوظائف.
أعلم أن كثيرا ممن يرتادون فضاء هذا العالم الافتراضي, ويتعاملون مع مواقع التواصل الاجتماعي, يحاولون الظهور ثوارا ومناضلين, حتى وإن لم يكونوا كذلك, وحين تلتقيهم في الواقع يصيبونك بالصداع وهم يتحدثون عن بطولاتهم, وعما كتبوا ونشروا, حتى يخيل إليك أن كل ما يحدث من تغيير وإصلاح في الأمة إنما كان بسبب ما كتبوه وما نشروه في صفحاتهم! ولا عجب, لأننا في زمن العجائب, وعصر الفضاء الإعلامي الحر!.