تفسير الواضحات من الفاضحات

خالد القارني


 - تعكس مجريات الأحداث التي يشهدها اليمن ضخامة تعقيدات واقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي تتجلى في صور  فقدان الدولة قدرة السيطرة على جميع مناطق نفوذها بما فيها
تعكس مجريات الأحداث التي يشهدها اليمن ضخامة تعقيدات واقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي تتجلى في صور فقدان الدولة قدرة السيطرة على جميع مناطق نفوذها بما فيها المركز والتي من الوضح أن جريمة مجمع العرضي(وزارة الدفاع) قد حملت هذه الرسالة ضمن رسائل أخرى يمكن أن يستوحيها المتابع للشأن اليمني.. أن مجمل هذه الأحداث تشكل معطيات عملية ربما تؤدي في نهاية المطاف إلى حرب أهلية شاملة نرى مؤشراتها في حروب صعدة وعمران والجوف وحجة وما يعرف اليوم بالهبة الجنوب وانعدام الأمن في جميع المحافظات تقريبا.. وبرغم ذلك نجد أن وعي المجتمع لم يصل إلى مستوى يكون فيه قادرا على الإجابة على اخطر سؤال مطروح اليوم وهو لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من التوحش في اخلاقنا ومن التدهور في اوضاعنا¿! بل نجد الاغلبية ينساقون وراء طرح سؤال مثل من قام بارتكاب هذه الجريمة أو تلك من المسؤول عن هذه الاحداث أو تلك ¿!!.. وفي تصوري هناك فرق كبير جدا بين صيغة السؤالين أن سؤال الاول يعبر عن صحوة فكرية ومراجعة نقدية للذات لتلمس مكامن الصواب والخطأ والاعتراف بوجود خلل فادح أصاب المنظومة القيمية والفكرية ومن المؤكد أن مجتمعنا ونخبه لم تصل بعد إلى طرح هكذا سؤال ومحاولات الإجابة عليه .. أما السؤال الثاني فهو سؤال مزيف لا يستمد اشكاليته من الواقع وإنما من فكر خصوم متصارعين ولهذا لم ولن نجد إجابة حقيقية عليه قريبا ويندرج في هذا الحكم جل التساؤلات المتداولة في وقعنا الراهن وكل ما نسمعه من إجابات هي في الواقع إجابات مزيفة لأنها من غير دليل مادي وصادرة من خصوم كل يريد توظيفها ضد خصمه والعلة في ذلك الرغبة في الاستفراد بالقوة والثروة ونفي الآخر كما هو ديدن العرب وبالتالي يظل الجدل العقيم هو المسيطر على رأي الشارع و القنوات والمواقع الإعلامية وفي مقدمتها الحكومية قبل الخاصة و مراكز صنع وبث الشائعات فذاك يدعي أن عمرو ضرب زيد وذاك يرد زيدا ضرب عمروا وما بين عمر وزيد مساحة واسعة تسمح بدخول مزيد من اللاعبين هم في السياسة اشد وطأة واقوم قيلا.
إذن فالشيء الثابت الوحيد الذي تمدنا به الأحداث أن ملف أمن واستقرار اليمن قد سلم إلى غير أهله, وهذا ما تؤيده التقارير البحثية والتقييمية التي تصدرها منظمات محلية ودولية الصادرة هذا العام والتي تشير إلى أن هناك أنغماسا في مستنقع المصالح الخاصة.. واستمرار سياسة احتكار المناصب في مبدأ الولاءات فقط بعيدا عن معايير الكفاءة والخبرة والاقدمية والمستوى العلمي.. وارتفاع غير مسبوق في معدل الفساد المالي والاداري كل هذا الظروف تشكل اداء ميكانيكيا في نزع الولاء الوطني من نفس كل فرد واستبدالها بالولاءات الشخصية وهذه الظروف تجعل المصالح الخاصة مقدمة على المصلحة الوطنية العليا بل أن الأخيرة تكاد أن تكون منعدمة.!!
واذا لم تكن هذه الحقيقة فإن السؤال الذي يطرح نفسه من الذي حال دون أن تقوم هذه الاجهزة بدورها الدستوري والقانوني والاخلاقي والانساني في حماية الوطن والمواطن الذي يتعرض كل يوم وفي كل محافظة إلى القتل والنهب والاختطاف والتهديد والاغتيال دون تحريك ساكننا¿!!.
أن الامر الاكثر مرارة هو عشرات الضباط والجنود تم اغتاليهم وقتلهم واختطافهم ونهبهم ولم يسمع الشعب اليمني أن واحد ممن نفذ هذه الجرائم قد ضبط وتم تقديمه للمحاكمة أو تم ملحقته وقتله وانما كلها قيدت ضد مجهول.. وبحسب الاحصائيات غير الرسمية فإن جرائم القتل خلال العامين الماضيين بلغت في صفوف أبناء القوات المسلحة والامن إلى ما يزيد عن 1000ضابط وصف وجندي قتلوا بدم بارد وآلاف الجرحى.. ماذا بقي من وصف لهذه الاوضاع غير وصف الغياب الحقيقي للدولة¿.. كل مواطن يدرك أن الدولة لم تلق بالا لما خلفته هذه الجرائم من ماسي واهات وويلات أن سانية وحياتية لا تنتهي عند محدود.. أن الولوج إلى أعماق طفل فقد أباه بفعل هذه الجرائم سيصيب كل ذي لب وإنسانية بما لا يخطر على بال وهو ينظر إلى قلب يتيم ينبض بمشاعر الحزن والم الفراق يصعب أن يصفها الواصفون سوى بكلمة واحدة وهي أن موت ابيه تعني موت الدنيا بقضها وقضيضها وحلوها ومرها.. ولهذه الفواجع المتتالية في واقنعا الحياتي اليومية نجد أن الحل يبدأ من تفعيل رأس الدولة تفعيلا حقيقيا ينعكس في الواقع الملموس شرطية أن تتحرر من توارث اخطائنا التاريخية وفي مقدمتها رؤية الفرد الاوحد والاعتماد المفرط على الاعوان التي تربطهم علاقات خاصة خارج علاقات الدولة الرسمية.

قد يعجبك ايضا