جريمة مستشفى العرضي هي أم الجرائم

أ.د/ عبدالله أحمد الذيفاني

 - 
ما حدث في مستشفى العرضي والذي نقلت صورة حية له قناة اليمن يعد بكل المعايير والمقاييس جريمة بشعة لا يمكن لإنسان يمتلك ذرة من مشاعر أن يقوم بها لأنها مشاهد تستفز العقل

ما حدث في مستشفى العرضي والذي نقلت صورة حية له قناة اليمن يعد بكل المعايير والمقاييس جريمة بشعة لا يمكن لإنسان يمتلك ذرة من مشاعر أن يقوم بها لأنها مشاهد تستفز العقل والقيم والمعتقدات والعادات والتقاليد والقوانين الوضعية وما ائتلف عليه الناس بعلاقاتهم الاجتماعية ومواجهاتهم لبعضهم عبر التاريخ إنها صور تنفطر لها القلوب وتسيل لأجلها الدموع بألم وتوجع على المآل الذي آل إليه الناس في تعاملاتهم وإدعاءاتهم ومزاعمهم التي يدعون بها مواجهة الظلم والطغيان والاستبداد واتضح فيما لا يدع مجالا للشك يواجهون الإنسانية وقيمها وعلاقتها النبيلة ويؤسسون لشرعة جديدة هي أبشع من شريعة الغاب ويسعون إلى تحويل الإنسان إلى ذئب بشري لا يقيم وزنا للعقيدة والقيم.
من هنا فإن تلك الصور التي بثتها قناة اليمن هي دليل دامغ على عمق السلوك الإجرامي المتأصل عند المنفذين ومن كان وراءهم ومن دعمهم وسهل لهم طريقا لارتكاب تلك المجزرة. لم أكن أتصور يوما أن أشاهد مشهدا من تلك المشاهد ينقل عن حادثة من الحوادث التي تقع في بلادنا على اعتبار أن اليمن موصوف بالحكمة كما يقال وإن كان موصوف بالنزاعات الكثيرة التي تظهر بين الحين والأخر ولكنها مع كثرتها لم تكن يوما قد وصلت إلى الصورة التي وصلت إليها في مستشفى العرضي. كيف امتلك القتلة تلك الجرأة في القتل وتعميم القتل على كل حي ومتحرك يقف أمامهم سواء مستغيثا بهم أو باحثا عن مأمن منهم كيف طاوعتهم أيديهم الآثمة على قتل الطبيبة والطبيب والممرض والمريض والزوار فإن كانوا من القاعدة فخصومهم كما يقولون هم الأمريكان والحكام البغاة هل وجدوا فيمن قتلوا في المستشفى أمريكيا أو حاكما باغيا¿ وإن كانوا كما يقولون من الحوثة فخصومهم أمريكا والصهيونية كما يقولون فهل من أحد من الذين قتلوا في المستشفى أمريكيا أو صهيونيا وإن كان كما يقولون من بقايا النظام السابق فخصومهم أيضا ليسوا أولئك الذين قتلوا في المستشفى بأي درجة أو مستوى لأن معظم الذين عينوا في هذا المستشفى عينوا في ظل قيادة النظام السابق ولم يكونوا مختلفين معه إلى درجة أنهم يستحقون هذا العقاب بل إننا إذا فتشنا في قاموس إبليس اللعين لن نجد في قاموسه مثل هذا الآثم البشع لأن المجرمين والقتلة قد تجاوزوا بفعلتهم هذه أفعال إبليس في تدمير القيم والأخلاق الإسلامية والإنسانية من هنا نقول أن على السلطة الحاكمة اليوم أن تخرج من دبلوماسيتها ومحاولة مسك العصا من النصف والسعي إلى مجاراة لم تحقق لليمن لا الأمن ولا الاستقرار كما أنها لم توفر بيئة صالحة للتنمية والاستثمار ومن ثم فالواجب عليها أن تعلن لكل الناس عن خصوم اليمن الحقيقيين ومن يسعى إلى تدمير بنيته القيمية والأخلاقية وما توافر له من بنية تحتية وثروة وطموحات فلم يعد الناس يحتملون استمرار هذه اللوحة البشعة من الجرائم والسلسلة المستمرة من القتل والنزيف الدائم من الدماء وكما هو معلوم أن للصبر حدود وقد تعودنا هذه الحالة من الانفلات والتسيب وغياب القرار والحزم والحسم من الحاكم وأجهزته إلى حالة من المواجهات الفوضوية التي – لا سمح الله نسأله أن يحول دون ذلك – لن يتمكن أحد من السيطرة عليها ولا يعلم عواقبها إلا الله.
إن الحوار آلية تعلقت بها آمال اليمنيين واعتقدوا أنها الضمان الحقيقي للولوج إلى المستقبل المأمول فمهما كانت نتائج الحوار ومخرجاته إيجابية ومفيدة لا يمكن لها أن تكون واقعا معاشا ما لم يتوافر فيها بيئة آمنة ومستقرة تمكن هذه المخرجات من التحول من مجرد قرارات وتوصيات إلى واقع معاش في دولة آمنة تكفل العدل والاستقرار والمواطنة المتساوية.
نكرر أن تلك الصور البشعة قد أدمت القلوب والعيون والعقول ولا يكفي أن تعالج بتقرير ما أنزل الله به من سلطان وبصمت إن طال سيقبحه التاريخ وتلعنه الأجيال فالتاريخ لا يرحم وعلى السلطة اليوم أن ترقب الله سبحانه وتعالى أولا ثم التاريخ ثانيا والأجيال القادمة ثالثا ووجودها واستمرارها ضمن النسيج السياسي في كل الأحوال.
الله نسأل أن يحفظ اليمن وأهلها وأن يقطع دابر الإجرام والإرهاب والفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ دماء أبناءها ويحفظ هذا البلد وسكينته وعقيدته وقيمه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

قد يعجبك ايضا