من يقيم أداء التعليم في اليمن ¿
د/عبد الله علي الفضلي
تسعى الدول جاهدة – ولا سيما المتقدمة – إلى الاهتمام بجودة التعليم كركيزة أساسية من ركائز التنمية, حيث أن جودة التعليم تعتبر منهج عمل يستهدف عملية تطوير شاملة ومستمرة تقوم على أساس جهد جماعي يعمل بروح الفريق الواحد, وتؤكد تحسين المنهج وتعتبر جودة التعليم فلسفة استراتيجية طويلة المدى تتطلب توافر قيادات واثقة فعالة قادرة على الابتكار وتحتاج إلى تدريب مستمر وجهود حثيثة للوصول إلى أفضل النتائج بأقل التكاليف كما تحتاج إلى توفير هيكلية ومناهج ملائمة لعملية التنفيذ.
* ولدينا بمجلس النواب لجنة عتيدة تسمى لجنة التعليم والثقافة والإعلام حيث أن هذه اللجنة المفترضة والمكونة من عدد من أعضاء مجلس النواب يتم انتخابهم من بين أعضاء المجلس في بداية كل دورة انعقاد, وتعنى هذه اللجنة بدراسة جميع الأمور المتعلقة بشؤون التربية والتعليم العام والتعليم العالي والثقافة والإعلام . ويقصد هنا بالثقافة والإعلام كل ما يتعلق بوسائل الإعلام والثقافة ووسائلها . وهذه اللجنة هي المسؤولة عن رسم السياسات التعليمية والإعلامية والثقافية واتخاذ القرارات المرتبطة بالتعليم العام والتعليم العالي في جميع مراحله ونوعياته والتي يمكن أن تسهم في توجيهه وتطويره وذلك وفقا لمعايير الجودة الشاملة في التعليم المعمول بها في دول العالم.
* والجودة الشاملة ببساطة هي الانتقال من ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة التميز في أداء المؤسسات التعليمية والتي تأتي عن طريق سن القوانين والتشريعات التي من شأنها توجيه السياسات والنظم والمناهج ومختلف العمليات من أجل توفير الظروف الملائمة لتحقيق مخرجات تتسم بالتميز وتعمل على تلبية متطلبات المجتمع وتحقيق التميز في الأداء.
* فأين دور لجنة التعليم في بلادنا وأين تقاريرها ومتابعتها للعملية التعليمية في اليمن ومدى مطابقة التعليم لمعايير الجودة الشاملة المرتبطة بكل نواحي العملية التعليمية التي تشمل: الطالب – الأستاذ- المدرسة – الإدارة – المناهج- الإدارة المدرسية – علاقة المدرسين بالمجتمع.
ومما لا ريب فيه أن هناك جهودا تبدو خجولة في أداء لجان مجلس النواب في أدائها لمهامها , والسبب وجود فجوة كبيرة بين نواب البرلمان وبين مؤسسات التعليم في اليمن .
وبناء على ما سبق فأنني من المتابعين والمهمتين بالعملية التعليمية في بلادنا بحكم تخصصي كأستاذ جامعي فأنني لم أسمع أو أقرأ أن لجنة بمجلس النواب تسمى لجنة التعليم قد قامت بعمل مسح شامل (survey) للمؤسسات التعليمية في بلادنا ونزول ميداني إلى المحافظات العشرين ليروا بأنفسهم مهزلة التعليم والفوضى والارتجال والأداء الباهت والخجول للأداء الإداري والتربوي والغياب الواضح للمعلمين والمعلمات عن مدارسهم طوال العام الدراسي والتواطؤ الحاصل بين مدراء المدارس ومديريات التعليم وبين المعلمين والمعلمات, وتدهور العملية التعليمية وضعف المستوى والنجاح الباهت والفاشل والغش الفاضح والوقح في الامتحانات وضعف الأنشطة الرياضية والأنشطة الفنية والثقافية والمسابقات المتنوعة, واكتشاف وتنمية المواهب والقدرات بين طلبة وطالبات المدارس وانعدام الأنشطة الثقافية في حصة المكتبات, هذا فضلا عن انعدام المكتبات المدرسية التي تعد من أهم الوسائل التعليمية في المدارس التي تساند المناهج وتنمي عادة القراءة المبكرة بين تلاميذ المدارس وما يكتسبونه من معارف عامة وخبرات ومعلومات تمكنهم من محو الأمية المعلوماتية التي تعم التلاميذ كما تمكنهم من مواصلة التعليم المستمر حتى نخلق منهم مواطنين صالحين محبين لانتمائهم لوطنهم اليمن, ويرى خبراء الأمن القومي أن للتربية دورا كبيرا في تعميق الولاء والانتماء الوطني , وإن أي ضعف للنظام التربوي في استيعاب جميع التغيرات المعاصرة بما يتضمنه من معايير الجودة الشاملة , يمثل تحديا خطيرا للاستقرار الداخلي للمجتمع , ومن ثم يمثل خطرا على الأمن القومي عامة, وأن وضع استراتيجية تربوية – بحد ذاته – يعتبر شرطا لازما إذ إن الأمر يتطلب فكرا مقداما قادرا على اقتحام المشكلات وتذليل العقبات المادية والبشرية التي تحول دون تنفيذ الإصلاح المنشود , كما أن الاستراتيجية بحاجة إلى مشاركة شعبية من كل قطاعات المجتمع لتشكيل قوة دافعة نحو التطوير الحقيقي, وإل