يا أبيض يا أسود..
جمال الظاهري
جمال الظاهري –
ما كنت لأصدق أن رئيس الجمهورية كان حاضرا في معركة كسر الإرادات ..إرادة الخير أمام إرادة الشر .. نعم ما كنت لأصدق ذلك لأن الحقيقة ما عاد لها مكان في حاضرنا اليومي .. حيث تسيدت التلفيقات واستوطنت في النفوس قناعات بأن التلميع والتشويه لم يعودا في حيزهما الطبيعي – في الأطراف وعلى الحواف – فخلال الأعوام الماضية تمددت هاتين الصفتين واحتللن كل المناطق التي كانت تفصل بينهما .. فلا منطقة رمادية ولا متماهية ولا حمراء ولا بيضاء ولا متماهية فقط الحيز كله يغطيه التشوهات المتنافرة التي تسيدتها هاتين الصفتين المقيتتين..
نعم لست أنا وحدي من كان سينكر أو يشكك في صحة خبر أن قائد البلاد في خضم معركة الإرادة يرقب ويوجه ويعلن لجنود الوطن وحماة المكتسبات أنا هنا معكم لن أخذلكم ولن أفضل السلامة من دونكم وحين رأيته بأم عيني وهو يدخل إلى مجمع الدفاع ويتفقد الأضرار والمصابين ويشرف على سير العمليات أيقنت بأن اليمن بخير وبأنها ولادة للقادة الشجعان الأوفياء لأرضهم ولشعبهم المخلصة والوفية لمن يضحون بأرواحهم في معارك الفداء وفي معركة الحياة التي أريد لها أن تتدثر بثوب الخيانة والتناحر والفوضى.
كان يمكنه أن يتابع ويشرف ويوجه الجند والضباط من مكتبه المحصن ولكنه فضل إلا أن يكون في وسط الحدث مخاطرا بحياته ولكنه فضل أن يكون هناك كي لا تزور له المعلومة وكي يقوي عزيمة المقاتلين وكي يحسم الأمر بأقل التكاليف وبأقل الخسائر لأنه يعرف أن مثل هذه المناسبات قد تستغل من قبل بعض الانتهازيين الذين لا يروقهم أن تنتهي بسرعة دون أن يستفيدوا منها ماديا أو معنويا وكي لا يزايد عليه من قبل أدعياء البطولات الخارقة الذين يتحولون بعد كل حدث كبير إلى انتهازيين يبتزون بدماء الشهداء ما ليس لهم.
أستطيع أن أقرأ أن هذه الشجاعة وهذا القرار الجريء كان له ما يبرره لأن هناك من قد يقول كان هذا التصرف خطأ أو مغامرة ليس لها من داع ولكني أفهم أن الرجل ولأنه قد تعب من زيف ما يرفع إليه من المعلومات كان مضطرا أو أنه أراد أن يقول لأولئك انتبهوا لا تظنوا أني غافل عن أعمالكم لا تعتقدوا أني جبان أو أني حريص على حياتي وسأل رهنا لتقاريركم إني أمتلك الشجاعة وعندي من العزيمة والإصرار والقدرة على اتخاذ القرار الذي أراه مناسبا مهما هولتم ومهما حففتم تقديراتكم بأسانيد أو بادعاءات الحرص والوفاء لي ..
إنه بهذا الموقف يوصل لكل من أمل فيه خيرا عددا من الرسائل الإيجابية أهمها في نظري أنه يريد أن يقول لشعبه اطمأنوا لن يطول الأمر كثيرا ولن يسيطر الزيف علي ولن تنطلي على أراجيفهم ولن يستمر اللعب بمستقبلكم.. أنا هنا معكم وإن كنت قد حضرت المعركة اليوم فإني على استعداد لخوض المعركة مع الشرفاء في كل الجبهات وفي كل الظروف.
يقول لمن تلبس لديه الحق بالباطل لا تعتقدوا أنكم سترهبونني أو تدفعوني لتقديم المزيد من التنازلات أبدا من اللحظة ومن قلب المعركة أقول للجميع القادم لن يكون على منوال الفترة التي سبقت وانتظروا مني وقفات جريئة وقرارات حاسمة بعيدة عن حسابات النفوذ وعن منطق تقسيم الكعك انتظروا قريبا معركتي الأكبر والأهم معركة أن نكون يمنيين نستحق حمل هذا الاسم العريق الاسم الذي خلدته الأساطير واكتنزته دفتي مراجع التاريخ العظيم معركة الذات اليمنية والهوية الوطنية معركة الخبز الطاهر والإنسانية غير المنتهكة معركة الكادحين من المزارعين والبنائين والحرفيين والجنود والطلبة والمعلمين هكذا أرى وغيري ترجمة القادم .. هل مازلنا غارقين في مستنقع الأماني والتقديرات الخاطئة¿ لا أعتقد .. هل سيستمر ضحك من سرق أحلامنا على سذاجتنا¿ .. هذه الإجابات وحده الرئيس القائد من سيجيبنا عليها وعما قريب سنظل نراقب ونحلم وندعو وعما قريب ستكون الإجابة.. أشهر قليلة كفيلة وتعلن الحقيقة التي نرجو الله أن تكون إيجابية لا يشوبها شيء من الضبابية أو الرمادية التي تعبنا منها فإما أبيض أو أسود وليس غير ذلك.