صعدة إلى أين¿

جمال الظاهري


 - الانتفاضات أو الثورات التي حدثت في دول المنطقة العربية ومنها بلادنا إذا قلنا أن خطرها متزايد فإن ذلك صحيح .. فحين ننظر بشمولية لما كان عليه واقعنا قبلها ولما صار إليه الوضع يتضح لنا أن هناك تراكمات إحباطات وكبتا تراكم على مدى عقود تصل إلى عمر جيل كامل كان يتغذى على الأماني التي تحولت إلى معضلة حقيقية تواجه الأجيال التي أتت بعده.
الانتفاضات أو الثورات التي حدثت في دول المنطقة العربية ومنها بلادنا إذا قلنا أن خطرها متزايد فإن ذلك صحيح .. فحين ننظر بشمولية لما كان عليه واقعنا قبلها ولما صار إليه الوضع يتضح لنا أن هناك تراكمات إحباطات وكبتا تراكم على مدى عقود تصل إلى عمر جيل كامل كان يتغذى على الأماني التي تحولت إلى معضلة حقيقية تواجه الأجيال التي أتت بعده.
هذه الأجيال ودون مقدمات واضحة غير ما كانت تشعر به من أن الجيل الذي سبقها قد فشل في كل ما كان يسعى لتحقيقه – طبعا بصورة متفاوتة بين أبناء الأقطار العربية – حين جاءته شرارة تونس انتفض في عدد من هذه الأقطار على أمل تغيير معادلة الواقع الذي كان يشعر بأنه واقع غير سوي .
هذه الانتفاضات ولأنها لم تكن مدروسة ولم يسبقها تحضير وجدت نفسها فجأة أمام تحديات كبيرة لم تستعد فتاه المجهود في زخم الرغبة وبدد في معارك ثانوية لم يكن مخطط لها ولم تكن مبرراتها من ضمن مسببات الثورات التي قامت .
ولأن السبب الرئيسي الذي أخرج تلك الجماهير كان بحثهم عن حياة أفضل وعن مكانة ارفع بين الشعوب التي تعدت شعوب هذه المنطقة بأشواط كبيرة في كل المجالات .. بحيث صار حضورها الدولي مؤثرا على المستوى العالمي في رسم مستقبل العالم وفي صنعه ما ساعدها على ترسيخ الانسجام والرضى عن الأداء السياسي الذي نعم بنسبة كبيرة من استقلالية قرارها السياسي الذي انعكس بدوره على مستوى معيشة مواطنيها الذين نما لديهم مستوى الرضا عن أداء نظمهم وحكوماتهم التي وفرت لهم حياة أفضل.
هذا الشعور بالاستقرار ونتائجه التي تصل حد الرضا كان وما يزال هو المحرك الرئيسي لأي من حركات التصحيح أو الرفض أو الثورات قديما وفي كل العصور التي منها عصرنا .. هذا الهدف أو الغايات في بلدان الربيع العربي الذي تحول إلى شتوي تاه في معمعة صراعات المصالح الجديدة والقديمة التي جعت منه أمرا ثانويا فبرزت نتيجة ذلك قوى وحركات وجماعات من كل الألوان والاتجاهات – سياسية دينية وحزبية وطنية وغير وطنية لم تلتقط الفرصة المواتية للانتقال بوضعها من حالة الهيجان إلى مرحلة الاستقرار فوجئت القوى الإقليمية فرصتها للتوغل أكثر في الشأن الداخلي لهذه البلدان.
اليمن هو ما يعنينا .. فحين خرج الناس للشوارع كان المحرك لهم هو الرغبة في التغيير من أجل حياة أفضل ومن أجل القضاء على بعض الممارسات التي أدت إلى تأخره عن مواكبة التطور ومن أجل تحرير قراره السياسي من التبعية ومن أجل استعادة لحمته الوطنية الوحدوية التي يؤملون عليها بأن تكون حجر الأساس التي سيبنون عليها مستقبلهم دون مشاكل تعيق أو تحد من هذا البناء.
الذي حدث أن الأهداف الرئيسية تراجعت .. بل نسيت وبرزت في المقابل النزعات المناقضة لها تماما فالنزعة التقسيمية صارت أقوى ويجاهر بها والنزعة الطائفية صارت تتسع أكثر وأكثر وصار لها من يغذيها بالأموال ويمدها بالغطاء الإعلامي ويمثلها سياسيا وصرنا نسمع عن شافعي وزيدي وشيعي وسني في حين أن مثل هذه التوصيفات لم تكن حاضرة وغير مصرح بها وغير مقبول التمترس وراءها .
وبالنتيجة وبدلا من البدء في مشروع المستقبل الأفضل بدأت الحروب وبدأ التكفير والشتم والاتهام المتبادل برز للعلن الطرف الإقليمي والدولي الذي يغذي هذه التوجهات التي محصلتها دون شك هي السيطرة التامة على القرار الوطني المستقل هل هذا ما كنا نريده حين خرجنا للميادين والساحات¿
من أبين وصراع النظام ولا أقول الدولة مع القاعدة إلى صعدة التي كانت ممن رأت في الخروج الجماهيري فرصة لعرض مظلمتها على الشعب اليمني والإقليمي والدولي بهدف الخروج من دائرة الاستهداف والحروب هاهي اليوم تغرق من جديد في دائرة العنف.. بل وتحشر في الزاوية الضيقة (المذهبية) التي إن لم تتوقف تغذيتها محليا وإقليميا ودوليا فإنها ستصل إلى حالة من الشعور بأنها لا تعامل كجزء من التراب الوطني وبالنتيجة سيذهب أهلها بعيدا عن انتمائهم بحثا عن هوية أو طابع خاص يستجلب لهم السند الخارجي . . هل هذا ما نريده¿ لا أعتقد ذلك ولكن تجاهل معاناة هذه المحافظة وعدم العمل على إيجاد الحلول النهائية ومعالجة أضرار الماضي حتما له تبعات ونتائج سيكون الجميع مساهما فيها ولن يستطيع أحد إدعاء غير ذلك.

قد يعجبك ايضا