المرأة وقضايا الواقع
عائشة المزيجي
عند قراءتي للمجموعتين القصصيتين وعند إعادتي للقراءة أجد المنهج الاجتماعي الباب المفتوح للدخول إلى النص وجدت الكاتب يشترك مع أفراد المجتمع يعبر عن تجربة ما محتوى عمله ينهض على ملاحظة التصرف الإنساني والعمل نفسه ينعكس في ضمير القراء. وقد اخترت موضوع المرأة في المجموعتين تبعا لما أوحى لي عنوان المجموعة “حريم أعزكم الله ” فهي فيما عدا العنوان توجد أداة تأنيث في جميع (كائنات) وفي تأنيث (حشرة أليفة) (وخزيمة) و(ليلة القدر).
كما أن المرأة أحد طرفي علاقة زواج في قصة ضمن المجموعة القصصية وهي تأنيث في (ناوة) و(لعبة ريفية) وهي علما في كلمة صنعاء وهي (أمي) إحدى القصص وموصوفا في (للقمر وجهان) وعلما أيضا في (مريم) وبقية القصص توجد المرأة فيها كبطلة أساسية وإن لم تحمل عنوان القصة. فالمرأة إحدى قضايا الواقع في فترة زمنية رآها كاتب القصة وأحسب هذه الفترة مطلقة ليست مقيدة فتوجد في الماضي والحاضر وربما المستقبل نجد هذا التاريخ والزمن المطلق في قصة (أصابع الميلاد) ضمن مجموعة (الظل العاري) والتي حكت ترقب ميلاد بتاريخ مطلق 12/12 دونما وجود للسنة. كما أن الكاتب وضع تاريخا لكل قصة إلا هذه القصة.
شدني ذلك لأعرف الواقع الذي ليس له حدود زمني لأجده واقع المرأة الواضح من عنوان الغلاف (حريم أعزكم الله). نلاحظ أنها كتبت باللون الأبيض وهذا هو حاضر ألن ويظهر اللون الغائب وهو النص الغائب هو النص الثاني محيطا بجوانب الغلاف وهو اللون الأسود وتظهر المرأة في وسط الغلاف تبدو حاملة سمات تظهر من عينيها عبر امتداد من الماضي للحاضر فالمستقبل فهي ليست امرأة سبئية فقط بل تتعدى ذلك ونراها مثقلة وإن بدت مبتسمة وأمامها صراع الثقافات.
وعندما وجد اللون الأسود نصا على الغلاف بحثت عنه سياقا في المجموعة القصصية لأجد اللون الأسود بعدة أحجام حيث نراه في (الغراب والذباب والنملة) عدة أحجام مصبوغة باللون الأسود لتتفاوت تبعا لذلك الهموم المنطلقة من الواقع والمرأة إحدى قضاياه فنراها في قصة (كائنات صنعاء) صـ19 باسم فنية وهو اسم دال على الجمال بأنواعه الخارجي والداخلي لكن واقعها يناقض ذلك بسكنها في المقبرة واستنكارها للقمع الجسدي تقول (في اليوم التالي عرفت أن أمي قد ماتت سنتين بعدها عرفت أن الرجل الذي يلح أن يكون أبا قد يكون شيئا آخر) وبدلالة قد يكون القمع في حاضر النص وحاضر الواقع.
وفي قصة خزيمة صـ57 مع حوار السرد بين مجموعتين يقولون:
أنتم متأكدون أن هذا قبر الفتاة¿
لا يا سيدي إنه لفتاة ماتت ظهر اليوم
وكيف عرفتم أنها عذراء
لنا طرقنا ياسيدي.
وفي قصة (قات) ص74 ضمن المجموعة القصصية (حريم أعزكم الله) نجد المفارقة الماثلة في السياق التالي من القصة (في إعلان صحيفة ضلت طفلة تبلغ من العمر 37 سنة) نجد المفارقة بين صفات العقلانية لعمر 37 سنة ومرحلة الطفولة بما فيها من عدم اكتمال العقل والتصرف العقلاني.
وفي قصة (ناوة) وناوة هي ناقة أخرى في قصة (رسالة إلى) لكنها ليست ناوة الأولى فناوة الأولى يحس الآخر تجاهها بذنب إثر مقتل ابنتها سحابة يقول (هل ناوة تشك أن غيابي كان سببا في مقتل ابنتها سحابة ترى لو كنت أنا الراعي هل كانت سحابة ستموت¿ وأما هذا الجو من القتل والحزن على الوجه القابل للآخر لتظهر أواصر العلاقة التي نجدها غير متواشجة في قصة (رسالة إلى) وفيها ناوة أخرى ولكنها ليست ناقة بل امرأة جاءت حاملة إلينا قول أفلاطون (الأحلام صوت الضمير) تقول (رأيت طفلة بائسة).