محصول التعليم في ظل الحزبية
عبدالوهاب البنا

> عندما نبحث عن الوصول إلى هدف ينبغي لنا وضع دراسة جدوى من مهماتها تحديد الوسيلة المناسبة للوصول إلى النتيجة المطلوبة بأسرع الطرق وأقل التكاليف لكن ليس على حساب جودة الإنتاج .. هكذا تخطط الدول لشعوبها وهكذا تظل الدراسات والأبحاث جارية لتطوير النمو الاقتصادي الذي يشمل كل مناحي الحياة كونه يواكب نجاحات أخرى ويعد التعليم جذر المعادلة إذ أن أول ما تفكر به الدول هو تحسين التعليم والتشجيع على البرامج والطرق التي من شأنها خلق مساحات أكبر من الفهم والوعي ضمن ما يسمى بالوسائل الحديثة التي تنافي الطرق القديمة. بعد قيام ثورة 26 سبتمبر لم يكن للتعليم حصيلة تذكر وكان الجهل يعم معظم القرى والمناطق لدرجة أن من تلقى رسالة من مغترب من الخارج كان يمر بها أكثر من قرية حتى يتسنى له العثور على قارئ ولذلك لجأت الدولة إلى استعادة عدد هائل من المدرسين من أكثر من قطر وكان لهم ثمرة نجاح إلا أن القائمين على التعليم استعجلوا المحصول كونهم يعملون بعشوائية غير مدروسة فلم يكن الناتج من قطف هذه الثمرة باستغنائهم عن المدرسين العرب في حين أن البديل اليمني غير متوفر إلا من بعض خريجي الثانوية والمعاهد رغم أن المسألة لم تكن تستغرق وصول ثمار المعلم اليمني الجامعي أكثر من خمس إلى ست سنوات فلو كان القائمون ابقوا فقط المدرسين العرب هذه المدة القصيرة وقاموا بتأهيل طلاب الثانوية العامة والمعاهد الخمس أو الست السنوات لكان التعليم أفضل بكثير مما هو عليه لكن ظهر غير المتوقع وقامت الدولة بتوظيف حاملي الثانوية والدبلوم ولم يلتحق في الجامعة إلا من ساعدتهم الظروف على العمل والدراسة واستطاع أن يكمل دراسته الجامعية وعاد إلى الخدمة المدنية يعامل على أنه توظيف جديد ولا تحسب له سنوات الخدمة السابقة فإذا ما احتسب له هذا التوظيف قل راتبه على ما هي عليه الشهادة الجامعية . قبل فترة التقت الفضائية اليمنية بأحد وكلاء التربية آنذاك وهو يشكو من تدني مستوى المدرسين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف من حملة الدبلوم والثانوية فسألة المذيع لماذا لا يتم إعادة تأهيلهم فأجاب¿¿ لو أهلناهم لطلب كل منهم أن يعمل وفق تخصصه وبالتالي لا نجد من يدرس في الصفوف الأولى.. فهل ذلك جواب مقنع لوكيل وزارة مع العلم أن الدول المتقدمة تولي اهتماما كبيرا للصفوف الأولى .ولو افترضنا أن هناك إحجاما عن التدريس في الصفوف الأولى ألا يجب السعي لحل هذه المعضلة إن وجدت كتمييز مدرسي الصفوف الأولى بحوافز مادية ومعنوية وإكثار عدد الدورات التي من شأنها إبراز أفضل ما لديهم فيسعى راغبا غير مدبر¿ هذا باب مثل الجوانب السلبية فدعونا نطرق بابا آخر .. فالمشاهد هذه الأيام أن الأحزاب المتنافسة على السلطة تلقى برمادها على العيون لما تبقى من التعليم في حين أنها لا ترى إلا الطشاش فعلى سبيل المثال وهذا ما بعد ثورة الشباب واتفاق الأحزاب على المحاصصة المخجل أنه وصل بها الحد إلى تقاسم منصب مدير المدرسة فإن كان لا يدرك الكثير ممن ليس لهم شأن في التعليم عن مدى سلبية هذا الأمر على هذه المؤسسة التعليمية فتخيلوا معي أن يأتي بمدرس لم يتجاوز توظيفه بضع سنوات لمنحة درجة مدير مدرسة لمجرد انتمائه إلى حزب ليس لديه كوادر في التربية إلا هذا الشخص فيكون صاحب النصيب في القسمة في حين أن الكوادر المؤهلة والتي لا تنتمي إلى حزب أو تنظيم لا ينظر إليها وليته يأتي على أساس شغل منصب إداري فمن يدرك حجم هذه المشكلة يعي تماما أن بعض الأحزاب تلقي للأخرى بالطعم كي يتسنى لها بعد ذلك توجيه اللوم لإدعاء أنها فاشلة¿ فهل وصلت المكايدة إلى حد الاستخفاف بالتعليم وهل من القي لهم الطعم بهذه الفكرة يدركون خطورة ما يقدمون عليه.
