الحركة الحوثية أقوالها وأفعالها
أ.د عبد الله أحمد الذيفاني
الحركة الحوثية حركة ظهرت حديثا من رحم التعليم الديني المذهبي والعمل التدريسي لإعداد الشباب المؤمن ومن ثم فمنشأ الحركة دينيا بامتياز واتخذ في البدء الفكر الزيدي عنوانا لهذا العمل التربوي ومع الزمن تحول وتطور ليصبح عملا أوسع بمشروع كبير يتكأ على مواجهة الآخر والقيام بدور السلطة الغائبة واكتسب مع المواجهات العسكرية الماراثونية حضورا عسكريا وقوة في حروب ستة لم يدرك المواطن إلى اليوم كيف اندلعت¿ وكيف توقفت¿ وما الأسباب الحقيقية والعوامل التي تحكمت في اندلاع الحروب وتوقفها.
أنا شخصيا كناشط سياسي كما أعتقد لم يكن لي موقفا محددا من هذه الحركة وكنت أتمنى على من ألتقيه من أعضائها أن تتحول الحركة إلى حزب سياسي وتخرج من إطار العائلة إلى إطار حراك مجتمعي ديمقراطي يؤطرها ويحدد برنامجها في مضمار دولة مدنية تؤمن بالمواطنة المتساوية وتحترم الرأي الآخر وتقر بالتعددية كما تدعو إلى الاعتراف بها وحقها في ممارسة دورها بعيدا عن أي “فيتو” أو اعتراض تحت أي ذريعة.
المؤسف حقا أن الواقع الذي أعايشه ويعايشه غيري يقول إن الحركة تبادل كل من يختلف معها العداء وتوجه له اتهامات ما انزل الله بها من سلطان منها وضعه في خانة خصومها المذهبيين أو السياسيين دون أسانيد منطقية يمكن البناء عليها غير تلك التقييمات المنطلقة من قاعدة إما أن تكون معي وتتشيع لرأي أو أنك خصمي يتم توجيهك “بالريموت كنترول” مستصغرين رأيك وقدرتك وكأنك لا تستطيع أن تكون لنفسك رأيا خاصا يلتقي مع آخرين ويفترق مع الحركة بأي درجة أو مقدار.
وهذا ينقلني إلى الحديث أن الحركة تعتمد على التمترس في الرأي والقناعة وبممارسة أقسى وأقصى درجات الخصومة مع المختلف معهم تصل إلى السعي الحثيث إلى إقصائه في أخف المحاولات واستئصاله في أثقلها وأعلاها ونلاحظ تناقضا صارخا في خطاب الحوثيين ففي الوقت الذي يحاربون الجماعات القائمة على الدين يتمترسون حول الدين وينطلقون منه ويستندون إليه في مسماهم “أنصار الله” وفي مشروعيته ” حق الولاية ” وفي الوقت الذي يصرخون كثيرا من أجل العروبة والإسلام نراهم يشنون حروبهم داخل الوطن اليمني ولا نجد لهم في ساحات الوغى مع الصهيو-أمريكية حضورا يمكن الالتفات إليه فهم في الوقت الذي يشنون حربا على أمريكا يقبلون بحوار تشرف عليه أمريكا مع دول أخرى ويقبلون مالا من الحوار مصدره أمريكا وغيرها من الدول الدائرة في الفلك الأمريكي. وفي الوقت الذي يرفعون أصواتهم ضد القبيلة ومشايخها تراهم يعتمدون في جيشهم وحركتهم على القبيلة وشيوخها وفي الوقت الذي نسمعهم يتحدثون عن المدنية والدولة المدنية نراهم يعتمدون في حركتهم على القوة والسلاح والهيمنة غير المشروعة على صعدة وغيرها نراهم أيضا يستنكرون وجود طلبة غير يمنيين في مركز دماج ويعتبرونها جريمة كبرى في حين لا يعتبرون علاقتهم بإيران وحزب الله اللبناني والعراق جريمة من أي نوع فهم قد استفادوا في تأسيس حركتهم على خبرات إيرانية وعراقية.
وفي الوقت الذي يدعون وصلا بالقوى التقدمية ويشنون حملة على القوى التقليدية بحجة تمسك القوى التقليدية بالدين والشريعة تراهم على الواقع يتمسكون بالمذهب والإمام تحت مسمى الولاية كما سبقت الإشارة.
وفي الوقت الذي يوجهون نقدا لاذعا للحكومة وأنها غير قادرة على بسط هيمنتها وفرض هيبتها نجدهم يقومون بدور الحاكم والحكومة ويشنون حربا على سلفيي دماج تحت ذرائع لا يدعيها إلا الحاكم والحكومة منها وجود أجانب وأنهم تكفيريون والطبيعي إذا كانوا مواطنين صالحين أن يبلغوا السلطات ويقدموا لها الأدلة والشواهد ويكتفوا بذلك ويتابعوا لا أن يقوموا بشن حرب ظالمة على الإنسان والشجر والحجر والمنشآت في دماج بحجة إنهاء تلك الحالة التي يزعمون أنها قائمة وهو لعمري أمر غريب فالأجانب لم ينزلوا “ببرشوت” من السماء قدر دخولهم البلاد من المنافذ وبوثائق على وزارة الداخلية ممثلة بمصلحة الهجرة والجوازات والأجهزة الأمنية السياسية والقومية تحري ذلك واتخاذ إجراءاتها القانونية حيالها.
وهنا نقول ناصحين “كفى مغالطات وعليكم العودة إلى الرشاد والنزول من برج المراقبة ومنصة العقاب إلى واقع الحياة المدنية ومداولات الحوار والكف عن الزعم والإدعاء بالحق الإلهي وارفعوا حق المواطنة المتساوية وادخلوا في مربع الشراكة الوطنية واخرجوا من عباءة المذهب وانعتقوا من أسر الولاية واعملوا للناس كافة وابتعدوا عن الخندقة واختلاف الخصومات واتركوا المجتمع يراكم كما يحب أن يراكم في ميدان السياسة وفي مضمار