المسرح والربيع

المخرج/منصورمطير

على غرار ربيع القرن الواحد والعشرين في المنطقة العربية كان قد سبقه ربيع القرن العشرين ولكن في المنطقة الغربية ..ولكل ربيع بيئته وأزهاره ووروده وأوراقه الخاصة به…لكن الشعوب هي الشعوب والإنسانية هي الإنسانية…ففي جو تسوده غرور النزعة العلمية والوضعية…وازدحام المدن الكبيرة وضياع الفرد ومجتمعات المال والتجارة والنفاق والمنفعة والطمأنينة الكاذبة والظلم الاجتماعي الذي يسحق العمال والفقراء ــ ثم حرب عالمية أولى بكل أهوالها وتجاربها المره والمظلمة …دوت صرخة جيل ربيع القرن20 واحتجاجهم عن طريق حركة تعبيرية فنية واسعة أساسها المسرح تبنتها طليعة الشباب الساخط على القيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والروحية السائد في أوائل القرن الماضي فالربيع إذا لم يرتبط بفكر واضح وهدف محدد فإنه يكون قصيرا والصوت المحتج ـ مهما يلمس القلوب ويسيل الدموع لا يلبث أن يتبدد ويتلاشى في ضباب الغموض أو صحراء المطلق أو متاهة الكلمات. .لذا سرعان ما ذبل الربيع وشلت الحركة الشبابية التعبيرية التي تمخضت عن أزمة في الروح والضمير الأوربي بعد أن ولدت الحركة في سنة 1910م ولفظت أنفاسها الأخيرة حوالي1925م مخلفة وراءها أعمالا عديدة في شتى المجالات في الشعر والقصة والمسرح لكن خيم على معظمها النسيان..وأسماء كثيرة كادت أن تختفي حتى من كتب تاريخ الأدب ولم يبقى منها إلا بعض من المسرحيات أهمها مسرحية الإنسان والجماهير1921م للألماني “لأرنست تولد” والتي سنتناولها في مقال قادم إن شاء الله بالتحليل والتفصيل..فالحركة كانت تدعو إلى إنسانية جديدة ومجتمع جديد يسوده المحبة والأخوة بين البشر..مجتمع يختفي منه الظلم والقتل والاضطهاد ومن ناحية أخرى كانت الحركة الشبابية التعبيرية صرخة احتجاجية على مدرستين كانت لهما الغلبة في ذلك الوقت ـ الطبيعية والتي تحاول أن تنسخ الواقع وتزعم أنها تصور الحياة تصويرا يلائم آخر التطورات العلمية والطبيعية وقوانين الوراثة والبيئة..ـ والمدرسة الرمزية أو التأثرية التي راحت تتعبد بالجمال الخالص والشكل الكامل..وتميل بالضرورة إلى الغموض والأسرار التي ترتفع بأصحابها إلى مدارج التصوف وتمجد القيم الفنية المتعالية بعيدا عن قوة السياسة وتخلف المجتمع.
فجيل الغضب من شباب الحركة التعبيرية قد أعلنوها ثورة لم تقف عند حدود الأدب والفن بل أصبحت ثورة سياسية واجتماعية تنادي بقيم جديدة وتبشر بإنسانية ذو ضمير إنساني..
ثورة حالمة تبحث عن المطلق في معظم الأحيان لكنها تظل ثورة شاعرية في كل الأحوال استطاعت أن تغير وترتقي بشعوبها الى التقدم والازدهار على غرار ربيع القرن الماضي وهل سيغير ربيع القرن 21شعوبه ويرتقي بها إلى شعوب ربيع القرن20رغم التضحيات الجسيمة التي قدمها.وهل سنشهد ربيعا في مطلع القرن22..فإذا كان كذالك فماهي ألوان أزهار وورود هذا الربيع المستقبلي !! وكيف ستكون رائحتها.

قد يعجبك ايضا