لا تقتلوا الأمل
يكتبها / نبيل نعمان
لأمل في المستقبل الأفضل يعد بمثابة إكسير الحياة والطاقة التي تشحذ الإنسانية في القلوب والعقول حيث أن الأمل نافذة صغيرة لكنه يفتح آفاقا واسعة في الحياة وبدونه يتحول الإنسان إلى مجرد آلة مدمرة لنفسها ولكل من حولها .
هذا الأمل مطلوب في كل وقت وحين على مستوى الفرد والمجتمع… به ومن خلاله يمكن فعل الكثير فهو قادر على أن يكون حاملا للإبداع والبناء والتفكير السليم والمنطقي والعقلاني والتمسك بالفعل الخلاق والإصرار على السير في اتجاه التغيير الذاتي والعام نحو المستقبل الأفضل .
اليمن يقف اليوم على مفترق طرق مصيري ولحظة تاريخية فارقة فاما أن يستفاد منها ويتم استثمارها بالشكل الصحيح الذي تفرضه استحقاقات المرحلة أو البكاء على الأطلال حين لا ينفع الندم .. والأمل إحدى أدوات الاستثمار السليم للحظة التاريخية والقادر على تحويلها من مجرد اطر نظرية إلى واقع حياتي وقاطرة تطور فهو يستطيع أن يقاوم كل أنواع المحبطات والمشاكل .
الشعب بفئاته ونخبه .. بنسائه ورجاله بشبابه وأطفاله وشيوخه ينتظرون ما ستفضي إليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وما ستتفق عليه من أسس لبناء اليمن الجديد .. ويحدوهم الأمل في أن يكون مستقبلهم أفضل من ماضيهم حرية وتنمية وتطورا وازدهارا واستقرارا .
هذا الأمل الذي ظل يراودهم منذ عقود كثيرة هو اليوم أقرب إلى التحقق والتحول إلى واقع عملي مسيج بمخرجات حوار شامل لم تشهد له اليمن مثيلا من قبل .. حوار ناقش كل شيء بشفافية عالية وخلص إلى رؤى جامعة مانعة .. قادرة إن تم إحسان تنفيذها أن تخرج اليمن إلى بر الأمان وتمضي في طريق التطور سريعا وتعويض مافاتها من السنين والعقود جراء الكثير من العثرات وسوء الإدارة وتغييب إرادة الناس في سياسات فاشلة قادت إلى كوارث ونكبات ما عاد بمقدور أحد تحمل تكرارها .
الرؤى والمواقف الضيقة والأنانية وغير المواكبة للعصر لن تجد صداها لدى الناس الذين أصبحوا أكثر وعيا من النخب في كثير من الأمور ومن ذلك نظرتهم إلى الدولة المقبلة التي يريدونها أن تكون خالية من مثالب الماضي وألغامه .. ومهما حاول البعض عصرنة رؤاهم ومواقفهم القديمة سرعان من تنكشف وتنفضح للناس الذين يقرأون ماضيهم وحاضرهم وآفاق مستقبلهم بعيون أخرى تستدعي من النخب أن تكون متقدمة عليها أو على الأقل مواكبة لها لا أن تكون متخلفة عنها , لكن يبدو أن القراءات الخاطئة والمصالح الضيقة هي من تقود النخب .. أحزابا وأفرادا .
المجتمع اليمني بانتظار ما ستفضي إليه فعاليات الحوار وهل ستكون بمستوى طموحاته أم أنها ستخذلهم مرة أخرى .. لكن الأمل في أن يكون وعي المجتمع وتوقه القوي للأفضل الضامن الحقيقي لعدم تكرار مآسي الماضي والتأسيس لدولة قابلة للتطور والنماء وحامية للحرية والعدالة والمساواة .
هذا المجتمع لا يزال متشبثا بالأمل أمل أن مستقبله أفضل من حاضره وماضيه وكل محاولات قتل هذا الأمل في نفوس الناس سيكون له تبعات وآثار كارثية وسيقوض كل جهد نافع لهذا الوطن .. ووحدهم المتربصون بهذا الوطن شرا يستبشرون بهكذا حالة يكون فيها الناس قد وصلوا إلى حد الكفر بكل شيء ومستعدون لفعل أي شيء ولكن ليس من أجل أي شيء .. وضع يسيطر عليهم اليأس والقنوط ويكونوا فيه مسلوبي الإرادة تحركهم أيادي الشر وعناصر الضلال .. ولن يستطيع حينها أحد استعادة ومضة أمل في قلوب هؤلاء فلا “تقتلوا الأمل في نفوس الناس لأن في قتله تتسيد المشاريع الخطرة حيث حرب الجميع ضد الجميع ويقال أن الذين يقاومون النار بالنار لا يحصدون إلا الرماد ..