فوضى مدنية حديثة!!
جميل مفرح
كانت وما تزال مطالب وشعارات الدولة المدنية الحديثة ويبدو أنها ستظل غاية تستهوي الإرادة الشعبية الهامة ومكسبا هاما ظل الجميع ينتظر تحققه بلهفة كبيرة حتى من لم ولا يعرف معنى هذا المسمى أو الوصف المهم أنه راج مع التحركات التغييرية التي شهدتها وتشهدها المنطقة العربية حتى غدا من سماتها والصفات الدالة عليها!!
> وحين نتحدث بخصوصية عن الوضع اليمني نجد أنفسنا لا نستطيع التحاور والتشاور والتنادم دون أن يعبر علينا هذا الوصف مع أننا كثيرا ما نراجع أنفسنا ونواجهها بسؤال ماهية الدولة المدنية الحديثة فنجد مثقفينا ونخبنا ذاتها لا تستطيع التوقف على وصف دقيق للدولة المدنية الحديثة ولا إدراك الماهية الحقيقية لهذا المسمى الذي لازم أزمتنا وما يزال يلازم المتتاليات والمتغيرات!!
> والباعث على الأسف قبل السخرية والضحك أن ثمة سياسيين أو مدعي سياسة وناشطين وحقوقيين لا يفارق طروحاتهم وتنظيراتهم هذا المسمى غير أنهم في حقيقة أمرهم أبعد ما يكونون عن معرفة وإدراك معنى هذا المسمى الآني الذي كان وما يزال مجرد لازمة من لوازم التبدلات والمتغيرات السياسية التي شهدها ويشهدها الوطن منذ بداية الغليان الذي لم ولن يكون له من نتائج سوى تحقيق مكاسب سياسية لـ (س) أو (ص) من الناس أو القوى السياسية المتنفذة أو التي تسعى إلى التنفذ.
> وليس أدل على ما ادعي هنا من مشهد محرج لأحد الشخصيات السياسية والاجتماعية النافذة حين واجهته مقدمة برنامج ما في التلفزيون بالسؤال عن ماهية الدولة المدنية الحديثة فلم يسعفه من مواجهة السؤال سوى القول إن المعنى لا يحضره تلك اللحظة مع العلم بأن هذا الشخص واحد ممن يتلذذ باستمرار بترديد وصف الدولة المدنية الحديثة وضرورة تجسدها!!
> لا أدري ما الذي أقوله أو أسأل عنه حول مفهوم الدولة المدنية الحديثة وأنا أشهد بنفسي وأم عيني شوارع المدينة الأولى العاصمة تشهد طوال ساعات اليوم ما ينافي ويستبعد إمكانية تحقق هذا الوصف وخصوصا في الوقت الراهن.. فهل الدولة المدنية تعني أن تكتظ الشوارع بالسيارات غير المعلمة والأفراد المتوحشين المدججين بأشكال وأنواع الأسلحة¿! وهل الدولة المدنية ألا تطبق القوانين وتبلى البلاد بالانفلات وعدم الانضباط¿! وأن تظل الدولة في موقف المتفرج اللامسئول¿!
> لا أظن أن بلدا يشهد شيئا واحدا مما ذكرت ومما لم أذكر وهو كثير بإمكانه أن يطمح بشيء اسمه دولة مدنية حديثة وأعتقد أنه بات الوقت مناسبا لأن نسأل سياسيينا جميعا أين هي الدولة المدنية الحديثة¿!
فقط لنتعرف عليها ولو عن بعد!! فما يزال في أنفسنا وفي نفس كل مواطن شيء من معرفة هذا المسمى بشكل دقيق ثم أشياء من إمكانية تطبيقه وتجسيده على أرض الواقع أو الاعتراف بأن هذا المسمى المركب بحاجة لأن يطبق على ثلاث مراحل أو مستويات فالواضح أننا بحاجة إلى أن تتجسد بداية الدولة الكاملة المكتملة ثم يأتي بعد ذلك دور تجسيد المدنية الحقيقية على أصولها المفترضة أخيرا تأتي المرحلة الثالثة وهي تحديث وتطوير تلك الدولة ومدنيتها.. وهذا لعمري بحاجة إلى زمن طويل وليس كما كنا نحلم وكان الجميع يتخيل!! وخوفنا كل الخوف أن نجد أنفسنا وقد حققنا على خلاف ذلك فوضى مدنية حديثة .