نضوب المياه الجوفية .. تحذير من خارج الحدود
محمد العريقي
حتى تتأكدوا أن وضع المياه الجوفية في اليمن في دائرة الخطر وتجاوزت من حيث خطورتها اللون البرتقالي إلى اللون الأحمر فها هي إشارة الخطر تأتي من خارج حدود اليمن ومن أشهر علماء السياسات الاقتصادية والبيئية أنه العالم ليستر براون مدير معهد (أيرث بوليسي) ( سياسة الأرض), وهذا المعهد يصدر كل سنة تقريرا يتعلق بأسعار الطعام وزيادة السكان.
صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن نشرت يوم 17من شهر أكتوبر الحالي حوارا مع السيد ليستر براون الذي وصفه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بأنه (أوعى من يحذر الإنسانية), ولهذا العالم والمفكر العالمي العديد من الكتب تتعلق بالغذاء والسكان والمياه آخرها كتاب جديد بعنوان (كوكب ملآن صحون فارغة) كما جاء في مقدمة الحوار.
أنا أعيد هنا بعض ما قاله السيد ليستر براون لصحيفة الشرق الأوسط لعل هناك من يصحو من غفلته كما أن البعض يحلو لهم الإنصات والانتباه لما يقوله الأجانب أكثر مما يطرح من أبناء هذا البلد وعلى العموم فإن ما ذكره يصب في جوهر المشكلة المائية في اليمن وفي مقدمتها نضوب المياه الجوفية.
*فقد استهل المحاور حديثه بطرح سؤال للسيد ليستر براون قال فيه: أخيرا نشرت رأيا طويلا في صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية تحت عنوان: «الخطر الحقيقي لمستقبلنا: قمة وفرة الماء (الارتوازي)» وتحدثت فيه عن مشكلات الطعام والسكان في العالم وأشرت إلى منطقة الشرق الأوسط¿
– فرد السيد براون (قبل سنوات قليلة عندما وصل ضخ النفط من تحت سطح الأرض إلى رقم قياسي (ووصل سعره إلى رقم قياسي) اهتز العالم. وها هو ضخ الماء من تحت سطح الأرض يصل إلى رقم قياسي لكن لا يبدو الناس قلقين. إنهم ينسون أن هناك بدائل للنفط لكن لا توجد بدائل للماء. وأنهم يقدرون على إنتاج الطعام من دون النفط لكنهم لا يقدرون على إنتاجه من دون الماء).
وقد تطرق براون لتجربة السعودية في زراعة القمح من المياه الجوفية فقال إن السعودية أدركت أن ذلك المشروع كان مكلفا ومستنزفا خطيرا للمياه الجوفية وهو ما لم يحدث في دول أخرى في المنطقة وخصوصا اليمن وإيران.
(ويقول: بالنسبة لليمن ينخفض مستوى الماء الجوفي بمعدل أربعة أمتار كل سنة. أضف إلى ذلك أن اليمن من أكثر دول العالم زيادة في السكان. وفعلا انخفض إنتاج القمح وحبوب أخرى بنسبة النصف خلال الخمسة والثلاثين عاما الماضية. خلال عامين قل كثيرا حجم الأراضي الزراعية وربما سيضطر اليمن إلى استيراد كل حاجته من الحبوب. أعتقد أن اليمن يسير سريعا ليكون (سلة مهملات مائية). إنه يعيش في الوقت الضائع ويعتمد على الماء الضائع. ويمكن تصور حروب قبلية كثيرة بسبب الماء والنزاع حول الأراضي والمزارع والحيوانات).
هذا ما قاله العالم الدولي براون عن واقع المياه الجوفية في اليمن رغم أن ما قاله ليس جديدا فسبق تداول مثل هذه الحقائق والمعلومات من أطراف كثيرة داخلية وخارجية ولاشك أن الكثير منا يتذكر مقالة السفير الهولندي السابق ..التي نشرت في يوميات صحيفة الثورة قبل أن ينهي مهمته كسفير لبلاده في اليمن أوائل عام 2000 على ما أعتقد وقال : لأني أحب اليمن فلابد أن أذكرهم أن ثلاث تحديات تقف أمامهم ويجب أن يقوموا بمعالجتها وهي (خطورة استنزاف المياه الجوفية والنمو السكاني المتسارع وتفشي ظاهرة الفساد).
وأنا شخصيا اهتممت بمتابعة ورصد مؤشرات القضية منذ فترة بعيدة وتناولتها عبر العديد من الدراسات والمقالات الصحفية التي نشرتها في أكثر من صحيفة واستعرضتها بعمق في كتابي (المياه .. واقع ورؤية) الذي صدر مقدمته الدكتور محمد لطف الإرياني وزير المياه السابق وكذلك عدد من الزملاء الصحفيين كما نقلت عن المهتمين المؤشرات الهامة عن مظاهر استنزاف المياه الجوفية والتي أشارت إلى أن قطاع الزراعة يستحوذ على 93% من مصادر المياه السطحية والجوفية وبلغ إجمالي المساحة المزروعة حوالي مليون وأربعمائة ألف هكتار تعتمد على 50% من مياه الأمطار و50% تعتمد على المياه المروية منها 80% من المساحة المروية معتمدة على المياه الجوفية.
والمساحة الزراعية المعتمدة على المياه الجوفية ارتفعت بين عامي 1970- 2008عشر مرات فمثلا ارتفعت المساحة المروية المعتمدة على المياه الجوفية من 37000عام 1970 إلى 567000 هكتار عام 2008.
على الجانب الآخر تقلصت المساحة المروية المعتمدة على الأمطار من مليون هكتار عام 1970 إلى (695 ألف هكتار) عام 2008 (دكتور نائف أبو لحوم كبير أخصائيي إدارة المصادر المائية بالبنك الدولي).
والمحزن أكثر أن نسبة كبيرة من المياه الجوفية تذهب لري القات