في طرف المدينة
محمد المساح


وهو يعرفها جيدا يعبر شوارعها إذا لم يكن في اليوم الواحد.. على أقل تقدير على اليومين أو الثلاث.. إنما الغرابة حينما يسأله شخص ما بالمصادفة عن الشارع العلاني أو الفلتاني وإذا تحرينا الدقة «الفلاني» هنا تكمن الصعوبة.. سيجد نفسه كاتما صوته وسيصاب بعجمة.. سيتبادل مع سائله.. بالإشارات وحركات الأصابع.. وقتها سيشفق عليه السائل ويتركه بسلام.. هذا الرجل معجون مع نفسه.. لا يستطيع من عجينه تكوين فطيرة ولا عصيد.. تدجنت نفسه مع هذه المدينة على الرضوخ والرضى بقدره اليومي يجول الشوارع يبيع الصحون البلاستيكية وأشياء أخرى تتصل باحتياجات المطابخ من مطايب ودسوت وينتقل مباشرة إلى «الرزميت» وهو وإن كان لا يعرف معنى «الرزميت» وتحولاتها اللغوية والزمنية فهو بالتأكيد يعرف أصولها الانجليزية والبريطانية «الكارت بلانش» ورقة رائجة في زمن التبدلات من صنع الحروز.. واستقراء الطالع والبخت وعلوم الجفر.. إلى القفز مباشرة إلى حواف العولمة والتنكر بالكامل للثورة والثوري والأممية.. و تبديل معناها بالجلوبلوزيشن عولمة «جورج سورس» وأصحابة وكله شغل ونظل نحن هناك المتفرجين في الكراسي الخلفية نتعجب كثيرا أو قليلا لكن العجب كل العجب.. ذلك التحول المرن.. من المحيط المتجمد الجنوبي.. إلى المحيط المتجمد الشمالي.. إلى البحث عن السبط الثاني عشر وتلك الغوايات الجميلة في الاحتراف والتمثيل في كل الأزمنة والأمكنة.
