الـقيم الـوطنـيـة في شعر البردوني

عبدالله علوان


 الى:مروان بدر العبسي
لعيني أم بلقيس :
قصيدة (لعيني أم بلقيس) من أعذب قصائد الشاعر عبدالله البردوني المودعة في ديوانه الرابع(لعيني أم بلقيس) والعنوان , عنوان القصيدة أو عنوان الديوان كله هو عبارة شعرية مرتبة من جملتين متضايفتين , الاولى (لعيني) جملة جار ومجرور فاللام حرف جر ويفيد التخصيص أي ان هذه القصيدة أو هذا الديوان أو شعر البردوني كله هو شعر مقال لأجل عيني أم بلقيس او هو مكتوب من أجل عيني أم بلقيس فالجملة رغم انها جملة جار ومجرور هي في محل نصب مفعول لاجل شخصها, الكريم مشارا إليه بأغلى ما فيها واحلى, وهو العينيين و (أم بلقيس) كناية عن اليمن.
ولكن العبارة مجازية فلا لليمن عينين ولا هي أم بلقيس ملكة سباء وحدها دون غيرها من اليمنيين المعروفة في التاريخ وانما يقصد بالعينين خيرها الوافر وجمالها البديع.
لكن قد تكون العينيين ترميز لقواها الأمنية او مؤسساتها الثقافية او محارسها,لكن الشاعر لا يقصد بالعينين غير وجه الوطن الكريم وهو من باب الاستعارة والتشخيص استعارت الجزء (العينين) ليكنى بها عن الكل.
والقصيدة عذبة ,عذبة من حيث اللغة بمفرداتها وتراكيبها, وعذبة من حيث البحر الشعوري(الهزج):
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن, مفاعيل
وهو بحر غنائي وانسيابي ويتناسب مع مبدأ المديح أو مبدأ التغني بالوطن, أما اللغة فسوف ندرك عذوبتها من قراة القصيدة بأبياتها الثمانية والعشرين .
*القصيدة مكونة من ثمانية وعشرين بيتا موزعة على ستة ادوار لكن قرأتنا لها ستكون قراءة شعرية لان فكرة القصيدة تقوم على مبدأ الوحدة الشعورية وليس على مبدأ الوحدة العضوية , كما في قصائده الأخرى من نفس الديوان وغيره مثل قصيدتي(إلا أنا وبلادي) و(مواطن بلا وطن) .
سنقرأ القصيدة, قراءة شعرية بغية تفسيرها ليس إلا:
لها أغلى حبيباتي بداياتي … وغاياتي
لها غزوي وإرهاقي لها أزهى فتوحاتي
وأسفاري إلى الماضي وإبحاري إلى الآتي
(أم بلقيس) هي المعنية بأغلى حبيباتة وهي كنايه عن اليمن لكن من حبيباته الاخريات….¿قد تكون الاقطار العربية الاخرى او الاقطار الاسلامية او كل اقطار الدنيا هن حبيباته ولكنه خص (أم بلقيس) بهذه القصيدة دون غيرها من اقطار العالم.
ولليمن ينذر أعماله الابداعية واهدافه الجمالية وان كل إبداعه بمختلف مجالاته هو منذور لليمن , او للوطن .
والفاظ أو كلمات الغزو والارهاق والفتوحات الزاهية واسفاره إلى الماضي أو إبحاره إلى الآتي كلها كلمات مستعارة فالارهاق كنايه عن معاناته الابداعيه و بحثه الدؤوب عن تاريخ اليمن كذالك كلمتي الغزو والفتواحات كنايه عن جديد اشعاره وجديد اعماله الإبداعية, كلها منذورة للوطن:
لعيني (أم بلقيس) فتوحاتي وراياتي
وأنقاضي وأجنحتي وأقماري وغيماتي
الفتوحات والرايات مجاز يقصد بها النشاط الابداعي الجديد وانشطته الثقافية الاخرى كلها لأجل عيني أم بلقيس وحتى انقاضه واجنحته بل واقماره وغيماته كلها من أجل اليمن. واذا كانت الانقاض تعني اوجاعه ومكابداته في مختلف ايامه الخاليه فإن اجنحته هي كنايه عن خيالاته اما اقماره فتعني اثر شعره الذي ينطوي على التنوير أو على اثراء الواقع الثقافي ومثل ذلك الغيمات التي قد تعني عطاءه وانجازاته الثقافية بشكل عام وفي الحل والترحال:
لها تلويح توديعي لها أشواق أو باتي
أشرق وهي قدامي أغرب وهي مرآتي
إليها ينتهي روحي ومنها تبتدي ذاتي

بين فعلي التلويح للوداع والأشواق للإياب مقابلة ومقابلة قد تنطوي, بل تنطوي على الطباق وإذا أخذنا المعنى من فعلي الذهاب والإياب والمعنى انه لا ينشغل في حله وترحاله إلا باليمن كذلك هناك طباق بين الإشراق أو التشريق والتغريب فهو لا يشرق ولا يغرب إلا لأجل(أم بلقيس).
كذلك هناك مقابله أو تناظر بين قدامي ومرآتي وهناك تطابق آخر بين الابتداء والانتهاء إضافة إلى الألفاظ بين((روحة)) و((ذاته)) فالذات الشعرية جزء من الروح الوطنية.
لكنه يعكس المعنى فيجعل الروح وهو كناية عن شعره أو إبداعه بشكل عام ويجعل الذات , وهو كنايه عن شخصه كانسان شاعر يجعله في حكم الخاص, مع ان الروح هي أصل الذات ….. والذات هي فرع من الروح اليمنية أو الروح الشعبية .
كذلك يجعل من شعره أصلا أنفاسه اليمن ويجعل من اليمن إنصاته وسكوته..
أغني … وهي أنفاسي وأسكت وهي إنصاتي
فالبيت هنا يقوم على التقابل والطباق فبين الغناء أي الكلام الشعري وبين السكوت بغرض الإصغاء طباق وبين الأنفاس والإنصات تناظر فاليمن أنفاسه في الكلام اي لا يتكلم إلا لأجل اليمن ولا ينصت عند سماعه إلا من اجل اليمن:
وأظمأ … وهي إحراقي وأحسو … وهي كاساتي
فالإحراق كنايه عن ألوعه أو الظمأ الروحي والكاسات مجاز يعني إن

قد يعجبك ايضا