اليوم الدولي للقضاء على الفقر.. والفقر في اليمن
عبد الرحمن عبدالخالق


كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت عام 1993م (بموجب قرارها 47/196) اعتبار السابع عشر من أكتوبر من كل عام يوما دوليا للقضاء على الفقر تحتفل بها الأمم المتحدة والعالم أجمع بهدف تعزيز الوعي بشأن الحاجة إلى مكافحة الفقر المدقع في البلدان كافة وهو اليوم الذي تجمع فيه ما يزيد على مائة ألف شخص في ساحة تروكاديرو بباريس تكريما لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع عام 1987م وفيه قام جوزيف فريزنسك مؤسس منظمة ATD بافتتاح لوحة خصصت لتكريم ضحايا الفقر المدقع (النصب التذكاري لضحايا الفقر).
ويأتي الاحتفال بهذا اليوم من باب تعزيز الوعي بأن الفقر ليس قدرا مكتوبا ولا أمرا يصعب مكافحته ووضع الحلول الناجعة له إذا توفرت الإرادة القائمة على العدالة وهو أيضا مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بتفاقم حالة الفقر في العالم وضرورة خلق علاقات عادلة في إطار كل بلد وفي الإطار الدولي كون الفقر التي تشهده كثير من دول العالم يأتي نتيجة خلل في العلاقات الدولية أيضا ذلك الخلل المؤسس على ثنائية الناهب والمنهوب واستغلال ثروات الشعوب بوسائل شتى ومن بينها تكديس ثرواتها من خلال خلق النزاعات والحروب بغية تسويق ما تنتجه من أسلحة دمار تفاقم من حالة الفقر المدقع في بلدان النزاع وبالذات في قارتي آسيا وأفريقيا.
وفي مثل هذا اليوم من كل عام تجري احتفالية في الأمم المتحدة وفي غيرها من المنظمات الدولية والإقليمية ولا أظن إلا أن الحضور من السادة الكبار يأتون إلى هذه الاحتفاليات بكامل أناقتهم تسبقهم روائح أفضل أنواع البارفانات ليلعنوا أبو الفقر وجده ويصبون جام غضبهم عليه وينفض الاحتفال بعد أن يكون آلاف الفقراء في العالم قد طواهم التراب جوعا وبردا ومرضا وجهلا.
ما هو الفقر إذا¿.. كيف يمكن تعريفه¿..
الفقر كما تشير كثير من الدراسات والبحوث هو بمفهومه العام انخفاض مستوى المعيشة عن مستوى معين ضمن معايير اقتصادية واجتماعية. وعرöف بشيء من التفصيل على «أنه الحالة الاقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم وكل ما يعد من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق في الحياة».
والفقر ليس حالة فردية أيضا ولا يتعلق فقط بالحالة المادية للفرد.. إنما هو نتاج فقدان الإنسان لجملة من الخدمات الأساسية (التغذية الجيدة الصحة والتعليم) وهو ما يجعل اليمن حالة نموذجية في هذا السياق بسبب تواضع هذه الخدمات وفقدانها في بعض الحالات فوفقا للإحصاءات الدولية يعاني اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم إذ أن 13.1 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على مياه صالحة للشرب وصرف صحي و 6.4 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية فضلا عن وجود 998 ألف طفل يعانون سوء التغذية و431 ألف نازح و105 آلاف عائدون إلى ديارهم في أبين و269 ألف لاجئ و100 ألف من المهاجرين الضعفاء.
تضع بعض الدراسات والبحوث تصنيفات محددة لظاهرة الفقر ومن أشهر تلك التصنيفات هو التصنيف على أساس مستوى الفقر الذي قسم الفقر إلى عدة مستويات لغرض قياسه كالفقر المطلق Absolute Poverty وهو “الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان عبر التصرف بدخله الوصول إلى إشباع حاجاته الأساسية المتمثلة بالغذاء والمسكن والملبس والتعلم والصحة والنقل” والفقر المدقع Extreme Poverty وما يسمى بالفقر المزري Disruptive Poverty” وهو الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان عبر التصرف بدخله الوصول إلى إشباع حاجاته الغذائية لتأمين عدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة” والذي يقترب من الفقر المدقع وما يسمى بالفاقة Pauperism.
وقد أضافت بعض الدراسات نوعا آخر من الفقر وهو فقر الرفاهة Welfare Poverty وهو ما تتعرض له بعض الشرائح الاجتماعية خاصة في المجتمعات الغربية التي تعيش فيما يسمى بالبلدان المتطورة التي يتمتع أفرادها بالمنجزات الحضارية الحديثة كالأجهزة المتطورة والحديثة وبعض وسائل الترفيه المتنوعة التي تفتقر إليها بعض الشرائح وذلك أطلق عليه تسمية فقر الرفاهة.
فإذا كان حال الطبقة المتوسطة في اليمن تعبر عنها بشكل نموذجي ما تسمى بحالة الفقر المطلق Absolute Poverty باعتبارها الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان عبر التصرف بدخله الوصول إلى إشباع حاجاته الأساسية المتمثلة بالغذاء والمسكن والملبس والتعلم والصحة والنقل فكيف يمكن أن يكون عليه
