الأكرم منا
حسين محمد ناصر


رغم مداخلته القصيرة وتأثره الواضح بمدلول المناسبة إلا أن مشاركته كان لها تأثيرها بين مستمعيه ومشاهديه!
كان ذلك في البرنامج التلفزيوني الذي بثته الفضائية اليمنية بمناسبة الذكرى “50” لثورة 14 أكتوبر المجيدة عندما أطل صوت أحد شهداء الثورة الكبار ليتحدث عن ظروف وواقع أسرته كمنوذج لآلاف أسر شهداء ضحوا بحياتهم في سبيل انتصار الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر الخالدتين.
قال لنا ولقيادة الوطن ما معناه إذا كان هذا الشهيد الذي هو أحد خمسة مناضلين بارزين ومعروفين في ميادين النضال والسياسة وقعوا على وثيقة النضال والسياسة وقعوا على وثيقة الاستقلال الوطني الناجز في 30 نوفمبر 1967م في جنيف لا يزال مرتبه الشهري لا يزيد عن خمسة آلاف ريال فقط رغم دوره الوطني المتميز فما بالك بالأسر المناضلة التي استشهد عائلها في ميادين الشرف والدفاع عن الثورة والاستقلال والأرض اليمنية¿! وقال إن قادة البلاد اليوم يعرفون الكثير من شهداء الثورة فمن يتسلمون هذا المبلغ الضئيل الذي يصرف عشرات أضعافه بعض المسؤولين اليوم في يومهم الواحد وينفقون أضعافه على أمور تافهة يعرفون ذلك ويدركون هذا الواقع المأساوي التي تعيشه الأسر دون أن يحركوا ساكنا أو يوجهوا بإعادة النظر في تلك الفئات التي يصرف لهم كل ثلاثة أشهر!!
والخمسة الآلاف هذه لا نعلم ماذا تفعل بها هذه الأسر الكريمة وماذا تعتقد قيادة الدولة أنها فاعلة لتلك الأسر بهذا المبلغ المعيب الذي لا يشرف زملاء وأصدقاء الشهداء الذين ما يزالون على قيد الحياة سماع خبره ومعرفة حجمه¿!
إن الحديث عن التضحية والإيثار وتقديم الأرواح دفاعا عن الوطن يصبح مجرد شعارات: لا يقوى على الصمود أو الإقناع ولم يعد يأبه له أحد وهو يرى أسر من سبقه من مناضلين وشهداء تعاني هذه المعاناة القاسية: أمام بصر وسمع الجميع من أصغر موظف إلى أعلى الهرم القيادي في الدولة: والأحرى بالقيادة السياسية اليوم أن تعيد الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بحقوق الشهداء وعوائلهم بحيث تكون ملزمة وإجبارية. تتمتع بها أسر الشهداء وتنفذها تنفيذا مسؤولا كل قيادات الدولة في كل مؤسساتها ووزاراتها تمنحهم الأولوية في التوظيف بشكل لا جدال ولا نقاش فيه عبر كشوفات تعدها “الدائرة” المهملة لشؤون المناضلين والشهداء ويتلقون التعليم العام المجاني والأولوية في البعثات الدراسية وجوانب التأهيل المختلفة وتمنحهم الدولة قطع الأراضي السكنية وتسهم في تقديم الرعاية الصحية المجانية لأولادهم في الداخل والخارج وأن تجعل لهم عيدا سنويا يتم الاحتفال به في كل المدن والمحافظات اليمنية يتفقد فيه الوزراء أسر الشهداء في المحافظات بدلا من الذهاب إلى عواصم العالم لقضاء الأعياد المختلفة بينما أطفال وآباء وأمهات وإخوة الشهداء لا يمتلكون قيمة ملابس العيد ولا قيمة الأضاحي!!
إنه النكران والجحود في أبلغ صورهما يا سادة!!
إن الوفاء للشهداء جميع الشهداء دون استثناء – واجب أخلاقي على الدولة أن تؤديه كاملا دونما انتقاص وعليها أن تكون بديلة للشهداء في أسرهم تمنحهم الحب والرعاية والاحترام.
كما لو أن الآباء الشهداء يشكون ظروفهم!!
لا تجعلوهم يندمون على تضحيات أبائهم الأكرم منا جميعا: وكيف لا تجعلونهم يندمون على ذلك وهم يرون أصغر مسؤول يعيش وضعا لا يحلمون بالعيش مثله لاستحالة حدوثه¿!
أكرموهم يا قادة الدولة.. وامسحوا الدمع من أعينهم.. فآباؤهم الشهداء هم أفضل منكم ومنا وخير من أنجبت الأرض.. أحبوها وأحبتهم وقدموا أرواحهم فداء لها.
