العöيد حلم بالأفضل
يكتبها: علي بارجاء
جاء عيد الأضحى وانقضى, جاءنا كعادته كل عام محملا بكل خير, وكلö ما هو جميل وجديد ليحدöث فينا تغييرا يتلاءم مع أحلامنا وتطلعاتنا وأشواقنا بغد أجمل وأكثر جöدة, ولكن ما يحمله لنا العيد لا يمكن أن يتحقق لأنه مشروط بحبöنا الصادق وعزم نفوسنا الأكيد لأن نتغير.
العيد حلم بالانتقال إلى الأفضل, وكلمات التهاني التي ترددت على شفاه كل السعداء بالعيد لم تختلف عما كنا نردده كل عام: (من العايدين), (عساكم من عواده), (كل عام وأنتم بخير), جمل عامرة بالدعاء والأمل والحلم والتمني باستمرار حياتنا, ولكن ليس تكرارها كما هي, بكل آلامها وهمومها, فلا يكفينا أن تعود علينا الأعياد, ولكن أن تعود وقد تحقق التغيير في حياتنا بكل تفاصيلها, وفي وطننا الذي نتشارك تنفس هوائه إلى الأفضل.
هل أصبحنا نتبادل جمل التهنئة بالعيد على سبيل الاعتياد¿ وربما نرددها بغير إدراك لسموö ما فيها من معان, مما يجعلنا نتساءل عن صحة ما يقوله خبراء البرمجة العصبية الذين يؤكدون أننا نحن الأقدر على تغيير أنفسنا بمقدار ما نردد من عبارات التفاؤل, وإلا فكيف نفسر أننا لم نتغير, وأن شيئا في حياتنا لم يتغير إلا إلى الأسوأ, والعيد هي الفرصة السانحة للتغيير, وبخاصة أن أعيادنا الدينية فöطرها وأضحاها تأتي في أكثر أيام الله تقبلا للدعاء واستدرار الرحمات والبركات والخيرات¿!
لا يأتينا عيد إلا ليعيد إلى ذاكرتنا بيت الشاعر المتنبي الشهير:
عيد بأية حال عدت يا عيد * بما مضى أم بأمر فيك تجديد
وإذا كان ينبغي علينا نحن كمواطنين سعداء أو بؤساء أن نحلم بالأفضل, وأن نغيöر أنفسنا بمقدار ما نتمنى أن يتحقق من أجلنا من تغيير فإن الوطن ينبغي أن يتغير, والتغيير في الوطن بيد الدولة وأولياء أمرها الذين يتولون الحكم والسلطة, ولذا فعليهم أن يكونوا أهلا للتغيير في أنفسهم أولا لكي يحدثوا التغيير الذي ننشده, وليتحقق قول الله تعالى: ( إöن الله لا يغيöر ما بöقوم حتى يغيöروا ما بöأنفöسöهöم).
هذا ما يراه كل حالم بأن يرى الخطوات تسير إلى الأمام يوما بعد يوم, لا أن تعود القهقرى, أو تلف وتدور في مكانها كما يدور (بعير المعصرة) في موضعه معصوب العينين لا يدرك من أمره شيئا.
فما بالنا إذا صادف أن تزامنت أعيادنا الدينية مع احتفالنا بأعيادنا الوطنية بثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر,اللتين جاءتا لتحررنا من نظامين مستبدين كما يقولون, لكي نعيش حياة عزيزة كريمة حرة ننعم فيها بخيرات أرضنا, وننتقل من حياة البؤس والفقر والمرض إلى حياة ننعم فيها بالسعادة والرفاهية والمحبة والسلام والأمان والحرية والمساواة والعدالة, حياة تعود فيها الأسلحة إلى مخازنها, أو تنتزع من أيدي حامليها, أو تتحول إلى حطام.
جاءنا عيد الأضحى ليذكöرنا بمرور عام على استشهاد ابن مدينة سيúئون الآمنة الشاب علي محمد الحبشي الذي اغتالته بعد عöشاءö اليوم الأول لعيد الأضحى الماضي يد لص آبق أمام مدخل بيته المطöلö على شارع عام, وهو عائد إليه مع أسرته بعد أن أدى مراسيم معايدة أقاربه حالöما بليلة هانئة وغد أجمل, في غفلة من حراس أمن المدينة وأهلها. نعم نتذكر الشهيد الحبشي الذي اغتيل وهو يدافع بيدين خاليتين من أي سلاح عن نفسه وأسرته وسيارته التي أراد ذلك اللص سرقتها منه عنوة. نتذكر الشهيد علي الحبشي لكي لا ننسى أن قاتله اللöص لا يزال حرا طليقا, ولا ندري كم نفس أرداها, وكم امرأة رملها, وكم أم أثكلها, وكم طفل يتمه ذلك اللöص الطليق خلال عام من فعلته المشينة تلك.
كل عام واللصوص والمجرمون يقبعون خلف القضبان, وكل عام وقد نفöذ في حقö كلö قاتل القصاص احتكاما لشريعة الله العادلة على أرضه.