إلى عبدالرحمن منيف
محمد المساح


شربنا مياها سوداء وبالغنا في نقض الحكمة ما الذي يجعلنا نرتطم بالصباح كعدو¿ ونظل جاثمين على فراشنا الذي نمت عليه الحشائش بينما الأمواج تخبط السقف: أراها في قلب المرآة حاملة قوارب وحيتانا وأرواح بحارة غرقوا وفي الصباح نفسه نذهب نحو المكاتب.
نشد أحزمة المقاعد جيدا ونصغي لأنين الموتى تحت العربات وأنبياء يملأون الفضاء باللعنة أيتها الصحراء .. ماذا تبقى من قلبك الذبيح¿ ومن مدافن قتلاك ونفطك¿ إنني لا أرى غير نعش يحمله بوذيون وتعاويذ أقوام هلكوا ماذا أرى أيضا في جروفك المليئة بالنميمة ومخلوقاتك بمساحيقها وعطورها وأيامها الخاوية¿ أيتها الصحراء وغادرك الركب تحت شمس ترضع أطفالها بأضواء سامة غادرك الحق والباطل وغادرتك الملحمة غادرك الحرب والسلام وغادرك الخريف الأكثر رأفة من ربيع المدن غادرتك النجوم الأولى والأيائل وضفاف الأودية غادرك الزمان وما يظنونه كنزا ليس سوى آلة حتفك الرهيبة غادرتك رغبة المسافر في تفتحاتها الأولى غادرتك أحشاؤك يجرجرها التجار في أسواق البورصة غادرتك شفافية الغياب وذكريات المحارب بماذا أصفك: أرملة العصور أم مستودع نفايات العالم.
سيف الرحبي – مجلة نزوى
