طواف الحروف خاشعة في مناسك الروح
بلقيس احمد الكبسي
حملت ذكرياتها المتراصة .. ومشاكسات البراءة الشقية ..! ورحلت إلى صبحها الزمردي تغازلها خيوط شمس بهية تداعبها بحروف من حنين.. تطأ قلبها وتلعب (الغميضة) في أروقته فيغفو الهمس في حنايا الوجد .. لتطوف الحروف خاشعة بهمس تراتيلها في مناسك الروح..!
تأوي إلى دفء ذكريات تقلب صفحات فصولها المتعاقبة فتصحو من ربيع أحلامها الزهرية إلى صقيع شتاء يهاجمها بقسوة تنز غور ألم فاحش تمتطي صهوة عنادهالتستبيح وجع قلبها الجريح وتعبث بكل خيباته المتراكمة بلا اكتراث للألم لتفرغ احتقان صديده المتخثر.
فتستفيق على أفق شاسع من شهيق خال إلا من شوائب الخيالات الماجنةالتي لم تعد تبالي بوقعها الممل.. الوجوه هي الوجوه سواء ارتدت أقنعتها .. خلعتها .. أم بدلتها مرارا .. فالأقنعة المتمرغة في وحل الارتهانات انحدرت إلى قعر خاو والنفوس تنمرت ولم يعد يجمعها سعير الترجي الأمكنة والأزمنة تنافرت تارة وتآلفت أخرى.. ولا شيء تغير سوى أن الردهات ازدادت ضيقا.
تسقط اللحظة بين يديها تقلبها بين الحيرة والدهشة.. تفرط حباتها .. وتكرها تسابيح مبعثرة ..! وهي تحرث خطاه المرهقة من سنينه القحط آلاف أميال من مساحات قلبها المنهك من قسوة الأيام العجاف .
فإذا بها تتاخطر أوجاع أحداث متعاقبة تمر في مقلتيها كشريط سينمائي فاجع تحظرها تارة وتستحضرها أخرى فتتأوه في وجهة الغمام الملبد إيذانا بالهطول عله يستفز سكونها البليد ..! ويستنفر حروفها المبعثرة لتستقيم في طابورها المرصع بهمس رخيم لتطوف بين أروقة الروح ومسامات اللب فتسري قشعريرة توغل في الترحال بصمت عميق في محراب قدسي بتراتيل معتقة تنبش خبايا سراياها الشاهقة بمرونة أكثر.