أسئلة التطور المغيبة
خالد الصعفاني
خالد الصعفاني –
khalidjet@gmail.com
.. في ذكرى الحديث عن التطور الذي يعقب كل زيارة لبلد أجنبي أو عربي تطفو على سطح أفكاري أسئلة مهمة ولا معنى للإجابة عن أحدها في معزل عن آخر لأنها تشكل في الأخير مصفوفة العمل الطبيعي في أي كيان أو بلد من أجل التطور أو لأجل التطوير ..
.. أنا أضع هذا على الطاولة البيضاوية الرائعة للحكومة وهي بالمناسبة طاولة تعاقب عليها رجال الحقائب الوزارية طيلة عقود من الزمن – عددا من الأسئلة المهمة والأكثر أهمية ..
.. ماذا نريد ¿ .. من أين نبدأ ¿ .. كيف نبدأ ¿ .. ما لوازم الانجاز وآلياته ¿ .. هل سنراقب مراحل الانجاز قبل وأثناء وبعد ¿ .. هل سنقيم الأداء بعد ذلك أو معه ¿.. وهل سيكون لمبدأ الثواب والعقاب حضور¿ ..!
.. يعني وبالبلدي : هل لدينا القدرة على عمل خطة وانجازها خلال أربعة أو عشرة أو حتى نصف قرن ¿!!
.. نتساءل باستمرار وبحسرة: لماذا بلادنا ليست كباقي بلاد الله .. والجواب باختصار لأننا لسنا كغيرنا من باقي خلق الله .. ونهرب لتعليق أنفسنا في شماعة الإمكانيات المالية لكننا نتجاهل حقيقة أننا محترفون في توجيه ما يتوافر من هذه الإمكانيات في غبر بنود وأبواب ما هو مطلوب !!.. نبكي دوما على محراب اللبن المسكوب لكننا لم نقم بعمل شيء يوما من أجل الحفاظ على ” كوز اللبن ” الجديد من الانسكاب أو حتى من التعفن ..!! يقارن مسئولونا اليمن بدبي أو ماليزيا ليقتلوا روح التنافس الشريف ومبدأ العدالة لكنهم يتناسون أمر بلدان كالحبشة ( إثيوبيا ) أو تايلاند أو حتى الإكوادور وثلاثتها تحقق تطورا مهما في مجالات عديدة رغم حالة ” التنك ” التي تعيشها في المال !!
.. وبتعبير أكثر بساطة ومباشرة .. إذا رأيت التفاصيل تمضي بشكل طبيعي في الشارع والمؤسسة فاعلم أن هناك حكومة ناجحة ودولة حقيقية .. سيادة القانون والنظام والنظافة والجدية وحب العمل واحترام الآخر وتقدير قيمة الوقت كلها شواهد بسيطة على صحة الفرد المنتمي لبلد ما وصحة البلد أيضا .. أما غير ذلك فيعني أنك تعيش في بلد مظلوم من أهله رغم أنه كان عظيما شهد له الرسول الكريم وعزز القرآن بسورة اسميت باسمه وحكت قصة الشورى والبأس الشديد والعقل والحكم الرشيد .. يعني مجموعة الشعارات التي نطلقها اليوم لكننا نحتاج إليها واقعا ملموسا لا كلاما وحسب ..!
.. ورغم أننا جميعا من المزارع وحتى الوزير حفظنا عن ظهر قلب بيت الشاعر الحكيم وهو يحكي قصة الحلم والعيش بين الجبال والحفر , حيث التهيب من صعود الأولى يجعل من المناسب للمتهيب العيش داخل الحفر مع القوارض والنمل مع فارق الأفضلية في العمل والتطور , لصالح الأخيرة طبعا ..
أخيرا :
.. بسبب تغييبنا لأسباب تطور البلاد ونموها , لا يزال ” بن موكا ” خير سفير لليمن السعيد في الخارج حتى بعد عقود طويلة على ذلك المنتج البدائي الذي كان يجرى تصديره من قرية صيد صغيرة على البحر الأحمر اسمها ” المخا ” , لكننا نظل عاجزين تماما حتى اليوم عن إثبات أننا أحفاد ذلك اليمن الذي كان أخضر وينضح بالخير العميم والأمان التام الذي شجع على السفر بين صنعاء وحضرموت دونما خوف من الذئب على الغنم , فضلا عن الخوف على الإنسان من أخيه كما في هذه الأيام ..!