أما آن أوان مواجهة أزمات كليات التربية
د/ أحمد علي الحاج
في عام 1991م أوصى بحث اجراته بعض قيادات وزارة التربية بضرورة إغلاق أقسام: الدراسات الإسلامية الجغرافيا وعلوم الحياة من جميع كليات التربية البالغ عددها حينذاك سبع كليات تقريبا في اليمن الموحد لأن هناك فائضا في خريجي هذه الأقسام ولا تستطيع وزارة التربية استيعابهم وتوظيفهم.
وفي عام 2000م اشترك كاتب هذه السطور ضمن جهود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ووزارة التنمية والتخطط سابقا لتطوير التعليم في اليمن ضمن استراتيجية اليمن 202 والذي تضمن بتحويل معظم كليات التربية البالغة حينذاك 25 كلية تربية إلى معاهد مهنية وتقنية وإبقاء خمس كليات على الأكثر وتحويل البعض منها إلى كليات نوعية وكليات الدراسات العليا نتيجة لتشبع سوق العمل بخريجي كليات التربية ولم تعد مدارس التعليم العام بحاجة لأغلب تخصصات خريجي كليات التربية هذه ولذلك أمست مصدرا لبطالة المتعلمين.
وفي عام 2001م اشترك كاتب هذه السطور ضمن فريق استرتيجية تطوير التعليم العالي وتبني ضرورة تحويل أغلب كليات التربية وبخاصة في محافظات الجمهورية إلى معاهد مهنية وتقنية ولكنه توقف عن العمل مع هذا الفريق لأسباب شخصية.
واستمر افتتاح كليات التربية حتى وصلت أعدادها إلى 33 كلية تربية حكومية في عام 2011م موزعة على أغلب محافظات الجمهورية وعلى مناطق معينة من بعض هذه المحافظات ومن ثم تماثلت هذه الكليات وتكررت أقسامها وتماثلت في برامجها ومناهجها التعليمية وفي أساليب ووسائل التنفيذ ولذلك تماثلت في مشكلاتها وصعوباتها إن لم تسوء أكثر في كليات المحافظات لأسباب عديدة أبرزها: أنها اضطرت إلى التفريط في معايير اختبار وتعيين أعضاء هيئات التدريس بها وكذلك في الوظائف والمهام الأخرى في ظل عجز شديد في البنى التحتية اللازمة للعملية التعليمية وفي تنمية كفاءاتهم.
كانت الشكوى في الأمس من وجود فائض في بعض تخصصات خريجي كليات التربية أما اليوم فقد تنوعت أزمات كليات التربية في مخرجاتها حيث وصلت أعداد المسجلين في الخدمة المدنية الراغبين في التوظيف في وزارة التربية إلى أكثر من 60% من المسجلين.
ولا يخفى على أحد أن أكثر من خريجي كليات التربية يمارسون مهنا لا تحتاج إلى أي تأهيل علمي حتى أن عددا منهم يعملون في بيع القات والكثير منهم يضطر إلى التعليم بالمدارس الخاصة براتب شهري يتراوح بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف ريال في الغالب.
لقد تدنت نوعية التعليم في جميع كليات التربية شأنها شأن الكليات الأخرى ليس نتيجة للضغط الطلابي الهائل على الموارد المتاحة فحسب بل لجمود أنظمة وتنظيمات كليات التربية وتدني مدخلاتها.
والمأساة الكبرى أين سيذهب أعضاء هيئات التدريس بعد تحويل كليات التربية إلى معاهد مهنية وتقنية وهو الأمر الذي سيتم عاجلا أم آجلا وما سيترتب من مآسي على الخريجين وعلى الوظائف في التعليم على الأسر وعلى التنمية وعلى القطاع السياسي أخطرها تأثيراتها السلبية المستقبلية.
والتساؤل الذي يفرض نفسه الآن أما آن الأوان لحل أزمات كليات التربية وتداعياتها الخطرة الحالية منها المستقبلية¿
وإذا لم تحل ساعة المواجهة ومن هذه اللحظة فإن ما ذكر آنفا ليس صحيحا أو غير دقيق وبالتالي فقيادات وزارة التعليم العالي على حق أو العكس صحيح¿¿¿