قبل انتهاء الحوار هل انتهت المشكلة¿

علي بارجاء


 - لأننا دائما نبدأ من الصفر فإن ما نتوخاه من نتائج تسفر عن مؤتمراتنا ولقاءاتنا وندواتنا لن تكون أفضل مما هو كائن لأننا نفكر ونتحاور بعيدا عن التجربة الإنسانية الطويلة وما حققته من نتائج وحلول عبر تاريخها الطويل,

لأننا دائما نبدأ من الصفر فإن ما نتوخاه من نتائج تسفر عن مؤتمراتنا ولقاءاتنا وندواتنا لن تكون أفضل مما هو كائن لأننا نفكر ونتحاور بعيدا عن التجربة الإنسانية الطويلة وما حققته من نتائج وحلول عبر تاريخها الطويل, وبخاصة ما تمخض منها عن تجارب وبحوث ودراسات أثبتت الأيام واقعيتها وصحتها وملاءمتها للحياة الإنسانية, بغض النظر عن كونها غربية أو شرقية, وتعامل معها العالم من غير اعتراض على أنها مبادئ ومواثيق تضمن الحرية والتعايش بين الشعوب والأمم بعضها مع بعض, مع كونها مبادئ وضعية, من ذلك مبادئ الحريات وحقوق الإنسان وغير ذلك مما وقعت عليه الدول, وصار لزاما عليها تطبيقها في قوانينها وسياساتها, وقد تكون عرضة لموقف دولي مناهض إن هي تجاوزت وحكمت بما ينافي تلك المبادئ والمواثيق التي لا تقل في قوتها عن الدساتير والقوانين النافذة في كل دولة.
وحين هبت على اليمن رياح التغيير, وأريد لها أن تسلك سبيله وتستخدم وسائله بما يسمى الربيع العربي, استطاع الفرقاء اليمنيون أن يتوافقوا للوصول إلى حل بوساطة المبادرة الخليجية والدخول في الحوار الوطني الذي بدا مخيöبا للآمال في معالجته للقضية الجنوبية, وفي كيفية حلöها بطريقة سلسة تلبöي طموح الجنوبيين, بعد أن عانوا ما عانوه من تسلط لا يتهم به إلا كبار المتنفذين في الدولة اليمنية الموحدة.
ليست القضية الجنوبية هي الموضوع الأوحد في الحوار الوطني, ولكنها واحدة من موضوعات مختلفة هي الأخرى لم تسلم من أخذ ورد بين تيارات الحوار المتباينة فكريا وسياسيا, وننتظر لنرى ما اتفöق عليه بشأنها, لكن ما نتمناه هو أن يكون الاتفاق حولها هو ما يريده الشعب فعليا, لأن الشعب هو صاحب الكلمة الفصل في ما يشرع له, وبخاصة أنه لم ينتخöب من يمثöله في هذا الحوار.
الغريب أن يختلف المتحاورون في لجنة الدستور حول المادة الخاصة بأن (الإسلام هو المصدر الوحيد أو الرئيس للدولة), أو (أنه مصدر جميع التشريعات) كما ينص على ذلك الدستور الحالي), فاليمن دولة إسلامية, والحكم بالإسلام فيها يمضي تلقائيا حتى في زمن الدويلات والسلطنات التي لم يكن لها دستور مكتوب يحتكم إليه, فالحكم بالإسلام وبشريعته لا يحتاج إلى مادة تنص عليه في دستور أو قانون إذا كان الإسلام سلوكا نفعله في كل شؤون حياتنا, ثم أن دخول هذه المادة إلى الدساتير العربية كان متأخرا, وسواء أكان الإسلام مصدرا وحيدا أم رئيسا, وسواء أثبتت هذه المادة أم لم تثبت في الدستور فهل تطبق الشريعة الإسلامية في ممارساتنا للسلطة والحكم حين أثبتنا هذه المادة في دساتيرنا السابقة¿ أم أننا نهدف من إثباتها إلى القول بأننا دولة إسلامية, ولكنها بعد ذلك تظل مادة صورية, ولا نجد لها وللإسلام في الحقيقة والواقع وجودا حين نحكم بين الناس, ونريد أن يكون حكمنا بالحق, فنطبöق القانون على الضعفاء, ونتجاوز عن الأقوياء الذين يعربدون ويفسدون ويقتلون وينهبون ويقطعون الطرق ويخرöبون المصالح العامة, ويؤثرون على أنفسهم ولم تكن بهم خصاصة ثم لا نسمع لعلماء الدين ودعاته صوتا حين يحدث ما يناقض الشريعة وينتهك حق المواطن الضعيف من متنفöذ ذي قوة أو جاه أو مال أو سلطان!
يبدو أن الاختلاف قد أصبح ديدننا, ونتعمد الاختلاف حتى في أكثر الأمور قابلية للاتفاق, إمعانا في الدخول في المماحكات بين الفرقاء التي لم يعد يقبل بها الشعب, لأنه لم يجنö من ثمار كثرة الاختلافات غير التأخر عن السير في ركب البناء والتنمية, وهذا بعض غيض من فيض.
نتمنى أن تكون مخرجات الحوار التي ينتظرها الجميع مانعة لنشوب حرب أهلية, وقادرة على بناء دولة مدنية حقيقية, يكون فيها جميع الشعب متساوين كأسنان المشط في حقوقهم وواجباتهم, من غير حماية لفاسد أو قاتل أو ظالم أو ناهب أو قاطع طريق, ومثل هؤلاء لهم في الشريعة الإسلامية عقاب معروف للجاهöل قبل العالöم.

قد يعجبك ايضا