أهمية التجارة الخارجية في الدستور اليمني الجديد

أ.د طه أحمد الفسيل

 - تتضمن القرارات الدستورية الأخيرة لفريق التنمية في مؤتمر الحوار الوطني المتوافق عليها قرارا بالنص في الدستور اليمني الجديد "ترعى الدولة حرية التجارة – أي الخارجية

تتضمن القرارات الدستورية الأخيرة لفريق التنمية في مؤتمر الحوار الوطني المتوافق عليها قرارا بالنص في الدستور اليمني الجديد “ترعى الدولة حرية التجارة – أي الخارجية والداخلية- والاستثمار وتحمي المشروعات بما يخدم الاقتصاد الوطني وتصدر تشريعات بمنع الاحتكار بكل أنواعه وتشجع رؤوس الأموال الخاصة على الاستثمار في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقا للقانون” الأمر الذي يتطلب مناقشته بصورة موضوعية كون هذا القرار يعود بالاقتصاد اليمني إلى المربع الأول.
ففي دستور 1991م نصت المادة التاسعة منه “توجه الدولة التجارة الخارجية وتعمل على تطويرها ورفع فاعليتها وتطويعها لخدمة الاقتصاد الوطني وتشرف على التجارة الداخلية بهدف حماية المستهلكين وتوفير السلع الأساسية للمواطنين”. وخلال التعديلات الدستورية في عام 1994تم تعديل هذه المادة لتحل محلها المادة 10والتي نصت على “ترعى الدولة التجارة الخارجية وتشجع التجارة الداخلية والاسـتـثـمـار بما يخـدم الاقـتـصـاد الوطنـي…”. كما شملت التعديلات الدستورية في عام 2001م تعديل المادة 10 بصورة جذرية ليصبح نصها في الدستور الساري “ترعى الدولة حرية التجارة والاسـتـثـمـار وذلك بما يخـدم الاقـتـصـاد الوطنـي …” وتمثلت مبررات تعديل هذه المادة في مواكبة برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والذي كان من ابرز معالمه تحرير التجارة استنادا لنص المادة 7 من الدستور.
واستنادا لهذه التعديلاتقامت الحكومات اليمنية بإزالة أو تخفيض القيود المباشرة وغير المباشرة والتعريفية وغير التعريفية على حرية الاستيراد والتصدير وكذلك تخفيض التعريفة الجمركية على الواردات السلعية من 15 حزمة تتراوح تعريفتها الجمركية بين 5% و200% إلى ثلاث فئات تعريفية أساسية فقط 5% 10% 15%. إلى جانب الإلغاء الكامل لرخص الاستيراد والتصدير وتحرير الأسعار لتحدد وفق آلية السوق وإطلاق صلاحية البنوك التجارية لفتح اعتمادات الاستيراد والتصدير وحرية التعامل بالنقد الأجنبي وتحويله إلى الخارجالأمر الذي ساهم في فتح السوق اليمنية للسلع والخدمات الأجنبيةلتصبح اليمن من أكثر الاقتصاديات انفتاحا على الخارج بين الدول الأقل نموا والنامية وفقا للتقارير الدولية. بالإضافة إلى مراجعة القوانين المنظمة للتجارة الخارجية والتي كان آخرها صدور قانون جديد للتجارة الخارجية في عام 2007م وإصدار لائحته التنفيذية خلال عام 2010م وبما يتفق مع قواعد التجارة الدولية لمنظمة التجارة العالمية وخطوات انضمام اليمن إليها. وتم كذلك إنشاء قطاع جديد للتجارة الخارجية في وزارة الصناعة والتجارة وتسهيل إجراءات الإفراج الجمركي لتسهيل عمليات التبادل التجاري.
وبصورة عامة كان لهذه التعديلات الدستورية انعكاساتها السلبية على الاقتصاد اليمني وإنتاجيته خاصة وأن تحرير التجارة الخارجية تم بشكل كامل وبصورة فجائية وغير منظمة وغير رشيدة وما ترتب على ذلك من بروز العديد من الظواهر السلبية التي تتعارض مع آليات السوق وقواعد وأصول المنافسة الشريفة مثل الاستيراد من غير بلد المنشأ بحيث احتلت دولة الإمارات العربية المرتبة الأولى من حيث قيمة الواردات السلعية منها وذلك بما نسبته 29% عام 2008م وحوالي 18% عام 2009 في المقابل فإنه رغم احتلال الصين المرتبة الثانية إلا أن قيمة الواردات منها لم تشكل سوى 7% و8.2% تقريبا على التوالي. اضافة إلى تفشي ظاهرة التهريب والتهرب الجمركي وإغراق السوق اليمنية بالعديد من السلع والمنتجات الرديئة الغير صالحة للاستخدام في بعض الأحيان لتصبح مسألة الإغراق ظاهرة واسعة النطاق خاصة في ظل ضعف أداء الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس من ناحية وعدم وجود إطار قانوني وتنظيمي مؤسسي مستقل لمكافحة الإغراق.
كما تعرضت معظم المنتجات المصنعة محليا إلى منافسة شديدة من قبل مثيلاتها المستوردة التي أغرقت السوق اليمنية وبالتالي عدم قدرة الصناعات المحلية بوجه عام على الصمود والمنافسة في موطنها فضلا عن الأسواق الخارجية بحيث اضطرت بعض المنشآت الصناعية اليمنية إلى التوقف وتسريح عمالها. وتشير البيانات إلى أن انخفاض نسبة مساهمة الصناعات التحويلية (عدا تكرير النفط) في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من 11.2% كمتوسط سنوي خلال الفترة 1990-1994م إلى 9.5% كمتوسط سنوي للفترة 1995-2001 كذلك انخفضت متوسطات معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الصناعي على التوالي من 37.4% إلى 16.4%. ورغم التحسن النسبي في معدلات النمو خلال الفترة 2001-2010 بتحقيقها 18.5% إلا أن نسبة مساهمتها في الناتج المحلي ا

قد يعجبك ايضا