المؤتمر .. بين تاريخه وظروف المرحلة
جمال الظاهري
لست أدري إن كان موقف المؤتمر الشعبي من موضوع التمديد والتحول إلى التفاوض بدلا عن الحوار قناعات يؤمن بها أو أنها مناورة سياسية يحاول من خلالها الحفاظ على القيمة الأخلاقية والوطنية لدى أنصاره, بعد أن وجد نفسه في محطات الاستنزاف الكثيرة.. أو أنه تكتيك مرحلي يلجأ إليه عديم الحيلة الذي ما عاد يدري أين يقف أو مع من يقف بعد تعرضه للكثير من الانتكاسات وفقدان الولاء من قبل من يمثلونه في سلطة الائتلاف وحكومته.
في الأيام الأخيرة وعلى وقع المفاجآت على ما يبدو وجدت القيادات المؤتمرية نفسها عاجزة عن مسايرة أو فهم ما يدور, وبدأت تتلفت حول نفسها لتعرف أين تقف ومن يقف معها ومن يقف ضدها, وجدت نفسها في هذا الموقف وعرفت في نفس الوقت أن ما فاتها الكثير وأن الاستمرار في مغالطة نفسها لن تكون نتائجه محمودة, وفي نفس الوقت الصدام مع من خذلها أو مع خصومها ستكون له عواقب كارثية بالنسبة للتنظيم ومصالحه, خاصة وأنها حينها ستقاتل على جبهتين إحداهما من داخل التنظيم نفسه.
ولأن هذه القيادة عاشت في فترة حكم المؤتمر بعيدة عن قواعدها تنعم بخيرات الحكم دون غيرها ومن ضمنهم قواعدها فإنها تخاف حتى من اختبار هذه القواعد وتخشى أن يخذلوها وحينها ستصبح مكشوفة تماما وخارج حسابات المعادلة التي مازالت تعطيهم بعض المساحة للحضور والمناورة.
هناك أمور كثيرة نتجت عن أحداث العام 2011م لم تستطع قيادة المؤتمر استيعابها أو أنها تستوعبها ولكنها تخشى أن تقف أمامها, فمثلا تحولهم من حاكم منفرد بمفاصل القرار إلى شريك, وتغير ممثلهم الأول في السلطة الذي كانوا قد ألفوه وانسجموا معه وتمحور نشاطهم وعلاقاتهم حوله إلى ممثل آخر وإن كانوا يعرفونه من خلال التنظيم, يجعلهم مترددين في طرح ما عندهم عليه .
يعزز اعتقادهم أن الرئيس هادي منذ تولى السلطة, استعان بقيادات من الصف الثاني والثالث, ومن خارج التنظيم ومهادنته .. لأطراف سياسية كانت تمثل خصوما لهم في السابق.
طبعا الرئيس يدرك هذه الشكوك وبحكم المرحلة لم يوقفهم أمام كشف حساب ولم يفسح لهم المجال للتقرب.
لذلك فإنني أتوقع وخلال الفترة القريبة القادمة أن تظل الأمور مراوحة في مكانها ولكن ليس طويلا فحتما هناك لحظة لن يستطيعوا جميعا أن يستمروا في لعبة القط والفأر.
وحتما سنشهد مواجهة في أمور ملحة كتحديد علاقة الرئيس والزعيم تنظيميا تحديد وإعلان ولاءات القيادات التنظيمية من الشخصيتين, اختبار القواعد التنظيمية التي ربما يحتكم إليها في نهاية المطاف في توجهات وأطروحات ومستقبل التنظيم, تحديد حجم القاعدة الجماهيرية للتنظيم, أيضا قد نشهد اجتماعا طارئا للمؤتمر العام للتنظيم الذي تأجل كثيرا, إعادة صياغة لأدبيات وأدوار الشخصيات الحزبية في إطار التنظيم.. أشياء كثيرة وملحة لابد أن يقف أمامها كيان المؤتمر الشعبي العام وفق معطيات جديدة لم يألفها ولم يستعد لمواجهتها أقله في ما يخص التمويل والتجديد في شخصيات الصفين الأول والثاني للتنظيم, وكذلك هو بحاجة إلى الكثير من الواقعية في مرحلة ما بعد الحكم وفق المعطيات التي تقول إن أدوات النشاط وأنت في السلطة منفرد لن تنفعك ولن تنتشلك من محنة الصراع وأنت خارجها.
—