دمع من القلب الحلقة الـ«34»
دكتور/ياسين عبد العليم القباطي

alkobati@yahoo,com
قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وانتصر عليه ومازال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبو حسن عزلة الكينعية آنس.
تعز طوق النجاة
بعد عودتي إلى القرية من جبلة بدأت باستخدام العلاج الذي وصفه الدكتور الإمريكي في جبلة ويبدو أن استخدامي لعلاجي بدأ يثير جراثيم الجذام الكامنة في جسدي فاشتد الصراع ما بين الجراثيم ومناعة جسمى وأحسست بصرير في عظامي وألم شديد في مفاصلي وفي اليدين والرجلين تماما كما أخبرني الطبيب الامريكي الذي نصحني أن لا أوقف تناول الحبوب إذا هاجمني الألم فهو دليل على أن العلاج يحسن مقاومتي للجراثيم ويقتلها غير أن الألم كان قاسيا شديدا ويزورني بانتظام مساء كل ليلة يحرمني النوم أستيقض متالما فأقضي ليلي باكيا من شدةألمي أذكر أحزاني أفتقد أبي وأمي وعذابي في السفر إلى نجران وتشردي في أراضي الحجاز أبحث عن دواء لمرضي فلا أجد غير الشقاء لو كان أبي وأمي أحياء لكانا بجانبي يسهران على رعايتي ويبكيان معي. ومع الأحزان يزيد الألم وبشتد إحساسي بمرارة اليتم وفقدان حنان الأبوين ومع فضاعة عذاب الجذام على جسدي وعلى مشاعري وأحاسيسي وخاصة من الناس الذين صاروا ينفرون مني ويبتعدون من طريقي حينما يشاهدوني بعد أن أشيع انني مصاب بالجذام ولم يستطع أطباء نجران والطائف ومكة علاجي وقد عدت من هناك إلى آنس بنفس المرض اللعين.
مر شهر على سفرنا إلى جبلة وألم العظام والمفاصل لايفارقني ويزداد كل ماتناولت الحبوب وأنا مستمر بتناول الدابسون رغم أنه يزيد من ألمي ولايشفيه متبعا نصحية الطبيب النصراني في جبلة! ماذا أعمل¿ أحترت في أمري ولاناصح ولا من أستشير وكيف أطلب النصح والاستشارة وأنا مصاب بمرض ينفر الناس منه ومني فإذا لابد من العودة إلى الذي وصف لي العلاج وهكذا قررت العودة إلى جبلة حسب أمر الطبيب أستأذنت أخي بالسفر ولكن عبدالولي لم يوافق على سفري وحيداö وقال أنتظر حتى تحين الفرصة فسأسافر معك.
غير أني لم أستطع الصبر ولا الانتظار فتسللت إلى حيث وضع أخي صندوقه الخشبي العتيق في آخر الديوان الذي تنيره كوة صغيرة بضوء خافت فلا تكاد تراه الأعين صندوقه الخشبي العتيق يحتوي ذهبا وفي ستر الظلام فتحت الصندوق خلسة وأخذت جنيهين ذهب وأخفيتها في طيات ثيابي وأخذت معي ملابسي بعذر الذهاب لغسلها في حمام وأستأذنت أخي لأذهب إلى السوق حمام علي المشهور بينابيعه من المياه المعدنية وهو قريب من قريتنا فوافق أخي ولم يعرف أني قد أحذت ذهبا من صندوقه وزاد فأعطاني نصف ريال لغرض أخذ حلويات من السوق.
تركت الحمار وذهبت سيرا على الأقدام وعندما انحدرت من جبل الوادي المؤدي إلى حمام علي وتأكدت اني اختفيت من عيون القرية غيرت طريقي فاتجهت يسارا في اتجاه مدينة ذمار واستمريت مسرعا على قدمي المؤلمة صعدت نقيل المصنعة الوعر متحملاö مشقة السير حتى وصلت إلى ذمار مضى اليوم كله وأنا أسير فوصلت مدينة ذمار مع غروب الشمس وذهبت متلصصا متخفيا أسيرفي أزقة جانبيه لأصرف الجنيهات الذهبية حتى لايراني شرطي فيفتشني ويكتشف جنيهاتي فمن وجد معه جنيه ذهب ملكي رجع عدو للجمهورية يتبع الملكيين مصدر الذهب الآتي من الشمال فيعاقب بالسجن أو القتل خاصة وإن صنعاء صارت محاصرة تماما بجيوش الملكيين وقوات المظلات بقيادة البطل عبد الرقيب عبدالوهاب والجيش الشعبي يرد هجوم الملكيين ويحمي صنعاء من النهب والخراب غير أن كل ذلك لايهمني لأن الجذام يأكل عظامي ولابد من صرف الجنيهات الذهبية والسفر إلى جبلة.
نجحت في صرف الجنيهات بمبلغ 34 ريال فضة ماري تريزا وأمسيت تلك الليلة في سمسرة ذمار وفي صباح اليوم الثاني سافرت إلى جبلة على سيارة نقل الحبوب الذاهبة إلى سوق السويق في إب ومنها سرت إلى جبلة وقابلت الدكتور بحسب بطاقة أعطاها في المرة السابقة ومرة أخرى أعطوني حبتين دابسون فقط ربع حبة كل أسبوع علاجا لمدة شهر كما أعطاني علاجا آخر سماه الكورتيزون يعالج صرير العظام وأمروني بالعودة بعد شهر.
قضيت تلك الليلة في جبلة غارقا في التفكير هل أعود إلى آنس لتلقي العذاب على سرقة الجنيهات أم أسافر إلى تعز وفي اليوم الثاني قررت السفر إلى تعز فاتجهت إلى مدينة القاعدة بحثا عن صديقنا القديم أحمد عقيل الآنسي استقبلني مستغربا عودتي وحيدا وعلى مضض مكثت في ضيافته أسبوعا ولم أكن أعرف هل جئت لزيارة القريب أم جئت لأقترب من تعز أبحث عن حلمي في أن أجد المكان الذي تعالج فيه أخي عبد الولي من الجذام.
وذات يوم وأنا في سوق القاعدة شاهدني رجل غريب فأخذني جانبا
