شرف الخصومة
عبدالله السالمي
توفöر اللغة أية لغة للناطق بها مفردات وتراكيب وعبارات وجملا تتناسب مع السياق الذي تأخذ انفعالاته فيه شكل التعبير اللغوي نطقا وكتابة ففي مواطن الرضا والحب والوفاق عادة ما تجود اللغة على صاحبها بسيل مöن الألفاظ والتراكيب المحملة بأرق وأعذب معاني الوداد والتآلف وكذلك الحال بالنسبة لمواطن النقمة والكرúه والخصام فإن المرء يجد في اللغة حاجته مöن الألفاظ والتراكيب المشحونة بالدلالة على التنافر والشقاق والخصومة..
على أن اللغة في مواطن الجفاء والخصام وبقدر ما توفöر للناطق بها كما واسعا مöن المفردات النابية وأقذع الألفاظ فإنها توفöر له في نفس الوقت مفردات وألفاظا وتراكيب بديلة ذات نبرة أخف يمúكöنه باستخدامها تلافي الكثير مöن شطط الإسراف في الخصومة وردات الفعل المنفلتة التي يغيب فيها صوت العقل تحت سورة الغضب.
واللغة مöن هذه الناحية تمنح المتخاصمöين فرصة للاحتفاظ بأعلى درجات الاتزان والتوازن حتى في أشد المواقف اضطرابا. أو بعبارة أخرى: تزوöد المتخاصمöين بمöصدات تقيهم السقوط الأخلاقي وتحد مöن انزلاقهم نحو الإسفاف اللفظي في الخصومة وبدلا مöن أنú يأخذ التعبير عن الشقاق جانب الفاحش مöن القول يمúكöن للغة أن تسعف المرء بما يستطيع مöن خلاله أن يبدو في غاية التهذيب حتى مع أبúين الناس عداوة له.
مشكلة الكثير مöن المختلفöين والمتخاصمöين ليست إذنú في أن اللغة عاجزة عن مدöهم بضروب حضارية وراقية من التعبير فالواقع أن اللغة قادرة على تمكينهم مöن ربúح شرف الخصومة على الأقل. وإنما المشكلة بالتالي تكمن في عجزهم أو ضعúف استعدادهم النفسي والعقلي عن التحلي بآداب وقيم الاختلاف وكذلك التسامي حال الخصومة عن الطيش والجهل والسفه إضافة إلى حمúل النفس على الاتزان والتزام الحكمة في التفكير والقول والفعل إذ بمقدار ما يضúعف استعداد الإنسان على تحمل تلك القيم يكون انفلات لغته مع المخالف والخصم.
Assalmi2007@hotmail.com