الصيادون الصغار.. أجور زهيدة تبتاع البراءة في عرض البحر
تحقيق/ فتحي الطعامي – محمد إبراهيم

> غادروا خارطة الفرح الطفولي وامتهنوا الصيد بين قرش البحر و”قöرúش” العيش.. وقراصنة يترصدون في المياه الإقليمية
> (516) صيادا محتجزا في السجون والمعتقلات الأريترية بينهم (03-04 ) لا يتجاوز أعمارهم 02 سنة
> الرياح القوية ترعبنا فنتذكر من غرقوا من الصيادين خصوصا الصغار والأيام الأولى من الشهر مخيفة في البحر بسبب انعدام القمر
> كل ليلة اقضيها في البحر ادعو الله أن يعجل بالفجر والنهار حتى نرتاح ويبتعد عنا الخوف
أجور زهيدة تبتاع البراءة في عرض البحر.. لا تعبير أكثر دقة من هذا ينقل ما يجري للطفولة في البحر الأحمر إنه استغلال الطفولة على إيقاع ظروف الفقر القسرية التي أجبرت كثيرا من أسر محافظة الحديدة على إرسال أبنائها إلى البحر.. قد يؤمن الكل بواقع الحال المعيشي لكن المنطق يجد نفسه حائرا أمام طفل ينظر الغروب يبتلع الشمس فيوغل في امتطاء البحر دون التفكير بالخوف من الرياح وتغير الأجواء المفاجئة ولم يعد له أي مجال للعودة لدفء المنزل ربما لأن الغرق أولى خطوات الفرار لذا صار عليه شرب الخوف بمر كأساته ليسد به رمق الجوع والعطش والسهر طلبا لـ(قöرش) العيش ومغامرة تفوق العناد أمام وحشية (öقرش) البحر وقراصنة
القارة السمراء المتربصة في مرصاد الظلام وعتمة الموج الهائج.
كل الإجابة لمجمل غرابة عمالة الأطفال في أخطر مهنة تتصف بحار الموت والضياع لا تخرج عن التعبير المؤسف لاستغلال زهادة أجور هؤلاء النوارس الطرية الأجنحة أم قسوة الفاقة التي لا ترحم.. في هذا التحقيق المثقل بالوجع سنحمل أنفسنا على صبر لقراءة واقع نوارس سمراء تعتنق الشجاعة ليس من الشجاعة بل من الجهل بخوف البحر وتبعات ضياع الطفولة وإهدار المستقبل على هامش الحاضر.. إلى سطور التحقيق…
- ونحن نبحث عن أسماك طرية لتناول وجبة العشاء استوقفنا مشهد طفل يروج السمك أمام سوق الأسماك المقابل تماما لميناء الصيد كان الطفل بهيئته المتعبة عبارة عن فلاش أيقظ عالما آخر من معاناة الطفولة اليمنية لتحاصرنا أسئلة الخوف من البحر وأهواله مستغربين إن كان ثمة صيادون صغار يذهبون رحلات الصيد ببراءتهم ومداركهم المعرفية المعدومة التي لا تعي للبحر والصيد والفقر وحتى الموت معنى وكلما يبهجها بعد رحلة خوف في عباب البحر غربة قاسية ورحلة طفولية لا ترى البر ولا الأسرة ولا النوم بأمان على مدار أسبوع أحيانا.. هذه الأفكار كانت الباعث الأول لفكرة هذا التحقيق عن الصيادين الصغار أو النوارس الصغيرة فاتجهنا من أكبر مجمع تسوقي للصيادين وهو ميناء الصيد..
مشاهد السوق أو المجمع الذي يمثل محطة الفصل بين البر والبحر كانت صادمة جدا إذ لم نكن نتخيل أن يكتظ ميناء الاصطياد بالحديدة بهذا الكم الكبير من الأطفال العاملين في مهنة الصيد فعلى رصيف الميناء وداخله وعلى القوارب تلاحظ الأطفال في كل مكان.. فهنا طفل يقوم بتنزيل قوالب الثلج الثقيلة من على السيارات أو عربيات الحمير التي تأتي بالثلج يقوم الأطفال بإنزالها إلى قوارب الصيد وأطفال آخرون يقومون بتعبئة الديزل أو البترول داخل خزانات القوارب.. وآخرون يقومون بإخراج الأسماك من على القوارب على حراج الأسماك وأطفال يقومون بالبيع والعمل والتوزيع..